ابن عرفة إن قلت: ما أفاد قوله تعالى: (فِي أَنْفُسِهِم) مع أن الإخفاء يعني عنه، فالجواب: أن الإخفاء قد يكون باعتبار رجلين يسر أحدهما إلى الآخر حديثا نفيا من غيرهما، وقد يكون في حديث النفس فلذلك، قال تعالى (فِي أَنفُسِهِمْ).
قيل لابن عرفة: هذه الجملة مفسرة للأولى، فقال: ليست مفسره؛ لأن القول في الاصطلاح بصفة في النطق اللفظي فلذلك قال الفقهاء: إذا حلف أن لَا يقول شيئا فإنه لا يحنث إلا بالنطق اللفظي، والجملة الأولى حملناها على كلام النفس فهما علتان مستقلتان.
قال ابن عطية: أو غيره وهذا إما تعريض لكفرهم بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لو لم يشاء على ديننا ما قلنا شيئا من هذا، وإما إشارة منهم إلى استدانة عنهم، فالرأي وأنه لو استشارهم لأشاروا عليه الجلوس وعدم الخروج.
ابن عرفة: وهو الظاهر لوجهين:
الأول: أن التعريض، مستفاد من قوله تعالى:(يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ) فأغنى عن هذا.
الثاني: قوله تعالى: (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ) دليل على أنهم قصدوا بذلك التنبيه على أنه لو دبره معهم لأشاروا بالجلوس، فلذلك حسن الرد عليهم بقوله تعالى:(لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ) لمات من حضر أجله منكم بالقتال، وبنور من ذات اختياره.
قوله تعالى:(قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ).
ابن عرفة: تكذيب للقضية المتقدمة بصدق نقيضها، وإما إبطال للقياس بأحد مقدمتيه، وهي الكبرى بمعنى الأولى لو كان لنا من الأمر شيء لما خرجا، ولو لم يخرج ما نقلنا فأبطلت القضية كلها، بأن قيل لهم: بل (لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) لخرجتم.
ومعنى الثاني: أن يمنعكم الكبر، وهو كلما لم يخرجوا، ولم يقتلوا يصدق ما هذا، خص منها لكن كونهم في بيوتهم أخص من لو كان لنا من الأمر شيء، فإذا ترتب الموت على كونهم في بيوتهم فأحرى أن يترتب على عدم خروجهم.