أنشدهما ابن مالك في المصباح، ومنه قوله تعالى:(وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٦) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)، ومنه هذه الآية، وذكر ابن الحاجب أن من تحقيق المجاز من جهة نفيه وهذه الآية منه؛ لأن قوله تعالى:(وَمَا هُمْ بِسُكَارَى) دليل على [سكرهم*] مجازا.
قال ابن عرفة: وفي الآية سؤال، وهو أنه قال تعالى في الأولى (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ)، وفي الثانية:(وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ) فهلا قال: يوم تذهل كل ذات رضاع، أو يقال:[وتضع*] كل حامل وكل مرضعة؟ قال: وعادتهم يجيبون بأن ذو تفيد مبادئ الشيء وأوائله، فلو قيل: أو تضع كل حامل [لتناول الحمل اللفظ المحقق*] ووضعه أسرع وأقرب من وضع العلقة والمضغة، فلما قال:(كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ) أفاد وضع العلقة أو المضغة، فهو أصعب من وضع ما فوقها،؛ لأن الذي فوقه من باب أحرى.
قوله تعالى:(وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ).
احتراس؛ لأن الآيتين متناقضتان فأفاد أن [سكرتهم باعتبار ما نالهم من العذاب فوجوده لوجود العذاب*]، ونفيه باعتبار ذاته.