ظاهره ولو [كن*] ملتحفات بساتر، فإنه لَا بد من حجاب آخر يحول بينهن وبين السائل، ألا ترى إلى ما حكى ابن عطية من قول عمر رضي الله عنه لما توفيت زينب بنت جحش رضي الله عنه: لَا يشهد جنازتها إلا ذو محرم، حتى أشارت عليه أسماء بنت عميس بسترها [في النعش في القبة*].
إن قلت: هلا عكس العطف، إذ لو قيل:([ذَلِكُم أَطهَرُ لِقُلُوبِهِنَّ وَقُلُوبِكُمْ) *].
لكان تأسيسا؛ لأن كونه أطهر لقلوبنا، يستلزم كونه أطهر لقلوبهن من باب أحرى. لأن قلوبهن أقرب للسلامة من الإدناس من قلوب غيرهن، فكل ما ينزل عن قلوبهن يزيله عن قلوبنا.
قال: والجواب: أن ذلك من أسبابها هي، وهو جهة للفظ، فيقول: إنه قصد الاهتمام بتقديم تطهير ما هو أقرب للوقوع في الدنس على ما هو أبعد منه؛ لأن قلوب غيرهن أقرب للدنس من قلوبهن.
فإن قلت: أطهر أفعل وشرطها ألا تنبني إلا فيما يبنى منه فعل التعجب مع أنه لا ينبني إلا من الخلق التي تزيد وتنقص، وطهارة القلوب راجعة لسلامتها من الأدناس فهي أمر عدمي، والأمور العدمية لَا تزيد ولا تنقص.
قال: والجواب: أن الزيادة لأسبابها وهي وجودية للأمور المنافية للطهارة التي وقع التكليف بها شرعا، كما يقول: وجود المنافي للغيبة في عمر بن الخطاب رضي الله عنه أقرب من وجود المنافي لها في غيره.
قلت: وأجاب بعض الطلبة: بأن المراد متعلق ذلك العدم أو إنماء ذلك إذا اتحد العدم، أما إذا تعددت الأمور العدمية فلا، كما يقال: قلب فلان الطائع أطهر من قلب فلان العاصي، تعلقت به أدناس، سلم الآخر من بعضها.
الإذائة أخف من الضرر، قال الله تعالى (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى)، وقال تعالى (لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى)، فنفي [الإذاية*] يستلزم نفي الضرر مع أن هذا اللفظ يقتضي نفي الصحة والقبول [للإذاية لَا نفي وجود الإذاية*].