الخالدات حيث يكون ستة أشهر، والليل ستة أشهر، فيحتمل أن يكون ذلك في قومين ففي قوم تطلع على قطرين آخرين، وفي غيره تطلع على أهل القطر الآخر من المغرب، وأجيب في الأول: بأن حركة الشمس يسترها في الفلك من المغرب إلى المشرق، وحركة الفلك بعكسها من المشرق إلى المغرب، وهي تقطعه في سنة، فيمكن أن تسرع هي إذ ذاك في سيرتها حتى تسبق حركة الفلك وتضعف حركة الفلك، حتى تكون أقل من حركتها، فعند ذلك تطلع من المغرب، وهذا ما ورد في بعض الآثار، أن تلك الليلة طويلة بعد، أو نقل أبو عمرو وعثمان الصقلي عن ابن العربي الطائي: أن المراد به طلوع شمس الحياة من مغرب الأبدان، قلت: هذا لَا ينبغي اعتقاده.
وسئل الفقيه المفتي أبو عبد الله ابن السكري، كيف يتقرر الصيام بالنسبة إلى أهل الجزائر والخالدات الذين ليلهم ستة أشهر ونهارهم ستة أشهر، فقال: لعلهم لم تبلغهم الدعوة.
قال بعضهم: على الصواب أن يقال: أن الشمس لاقت جزءا من الفلك الذي هو ثلاثمائة وستون درجة، فإذا عادت إلى محاذاة ذلك الجزء فهي الدورة وبها يحسبون الليل والنهار، وكذلك لو كان زمانهم كله ليلا أو كله نهارا، واعلم أن الشمس بها [ ... ]. يسمى الفلك الحامل، وذلك آخر يحرك الفلك الحامل من المشرق إلى المغرب يسمى الفلك المدور، وآخر تحركه من الشمال إلى الجنوب يسمى الفلك المائل، وبه فرق الميل الكلي، وهو نقص عند أول الأزمان وهو رصد الشيخ عبد الخالق في عام أحد وسبعين وسبعمائة كحاجب ثلاث وعشرون درجة واثنان وعشرون دقيقة، وفلك آخر خارج عنها حامل لتلك الأفلاك أعلاه يسمى الأوج، وهو الذي به أوج الشمس، وأسفله يسمى الحضيض، وكل كوكب لَا بد له من أربعة أفلاك حامل ومدور ومائل وفلك الأوج، ولذلك وضع أهل العدالة يسمى ذات الخلق، واعلم أنه إذا كان بلد عرضه ستة وستون درجة؛ فالميل فيه أربعة وعشرون، فإذا كان الميل جنوبا؛ فوقت الزوال عند طلوع الشمس وبنفس طلوعها تغرب، وإن كان شماليا؛ كان ارتفاع الزوال خمسين، أو نحوه، فكان النهار طويلا جدا، وإذا تماثل عرض البلدين، واختلف طولهما فأكثرهما طولا تغرب والآخر، وإن اختلف الجمع، فإن كان أحدهما أقل عرضا وأكثر طولا فهو جنوب كمكة، وتونس، وإن كان أكثر عرضا وأقل طولا فهو شمالا.