للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وغلط الزمخشري هنا في نقله عن الإمام مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْه لأنه قال: مذهب مالك والشافعي أن الحر لا يقتل بالعبد، والذكر لا يقتل بالأنثى. أخذ بهذه الآية.

(واختلفوا في هذه الآية) فقيل: إنها منسوخة بآية المائدة وقيل مجملة وتلك مبينة لها.

وقال ابن العربي: تلك مجملة وهذه مبنية (لها).

ابن عطية: وقال علي والحسن ابن أبي الحسن إذا قتل رجل إمرأة فإن أراد أولياؤها قتلوه (ووفوا) أولياءه نصف الدية، وإلا استحيوه وأخذوا الدية، وإذا قتلت امرأة رجلا فإن أراد أولياؤها قتلوها وإلا استحيوها، وإن قتلوها أخذوا نصف الدية وإن استحيوها أدّوا الدية كاملة.

قال ابن عرفة: (نظيره) في مذهبنا قولهم في كتاب الزكاة: إذا وجبت على الإنسان بنت لبون فأعطى للساعي بنت مخاض وما نقصت قيمتها عن بنت اللّبون أو وجب عليه بنت مخاض فأعطاه بنت اللّبون وأخذ منه ما زادت قيمتها عن قيمة بنت المخاض فالمشهور عدم الإجزاء وقيل يجزيه.

قوله تعالى: {ذلك تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ... }.

(ابن عطية) الإشارة إلى ما شرعت له هذه الآية من أخذ الدية، وكان عند بني إسرائيل في التوراة وجوب القصاص ولا دية عندهم.

وقال الطبري: حرم على أهل الإنجيل الدّية وكان الواجب عليهم إمّا القصاص أو العفو على غير شيء.

وقال الزمخشري: فرض على أهل الإنجيل العفو وحرّم عليهم القصاص والدّية.

ورده ابن عرفة بوجهين:

- الأول: ما نقله الطبري وهو حجة في التفسير، - الثاني: أن الأصوليين عدوا حفظ النفوس في الكليات الخمس التي اجتمعت الملل كلها على (حفظها)، وأيضا فهو مصادم لمقتضى الآية لأنه تكون شريعة النّصارى أخف من شريعتنا فلا يكون ذلك تخفيفا بل تثقيلا.

قال ابن عرفة: فالتخفيف هو أنه كان في الجاهلية تحتم القصاص من غير قبول العفو، فصار الآن عقوبته إذا عفى عنه الولي أن يجلد مائة ويسجن عاما.

قوله تعالى: {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>