للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى أنّه مستثنى من قوله: {وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مني} يكون (النَّاس) على ثلاثة أقسام: شارب بفيه فليس منه، وشارب منه بيده وهذا يقال فيه (هو) منه فقط، ومن لم يشرب منه شيئا يقال فيه: إنَّه منه مجاله أبلغ، فاستثناؤه من الأخص أي إلا من اغترف غرفة بيده فليس محكوما عليه بأنّه «منّي» أي ليس متصفا بكمال القرب مني.

قيل لابن عرفة: يلزمك أن يكون ليس منّي قدرا مشتركا بين الحرام والمباح؟

فقال: لم نخرجه (منه) وإنّما أخرجتهم، من قوله: {وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مني} فإذا خرج من هذا كان منفيا عنه أي يكون منه (وقد) قال: أول الآية {فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي}. فيتعين أنّ النفي هنا (نفي) أخص باعتبار ترك الأمر المستحب بفعل الأمر المباح، فالمستحب ترك الشرب، والمباح الشرب باليد، والحرام الكرع فيه بالفم.

قال ابن عرفة: وغرفة بالضم والفتح، فالفتح هو الماء والضم الفعل.

(قال ابن عرفة): وعلى أنها الفعل يكون المفعول مقدرا أي إلا من اغترف غرفة ماء.

قال (ابن عرفة): وفائدة التأكيد بالمصدر على هذا تحقيقا للرخصة في ذلك الفعل وتأكيدَ (إباحتها) خشية أن يتوهم قصر ذلك على أدنى شيء من الماء المأخوذ باليد فأكده تنبيها على إباحتة الغرفة الواحدة بكمالها.

قوله تعالى: {قَالَ الذين يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُواْ الله}.

قال ابن عرفة: إن أريد الملاقاة بالإطلاق فهي بمعنى العلم وإن أريد الملاقاة حينئذ فالظن على بابه لأن الإنسان لا علم له بزمن موته.

قال (ابن عرفة): وعبر عنهم بهذا إشارة إلى ما قاله بعضهم في رسالة: «من أحب الممات حيي ومن أحب الحياة مات».

قوله تعالى: {بِإِذْنِ الله}.

قال ابن عرفة: قال ابن عطية: إذنُ الله هنا تمكينه وعلمه بمجموع ذلك الإذن.

(ابن عرفة: كذا يقول في كل موضع) والصواب أنّ معناه بقدرة الله وفضله وإرادته.

قال ابن عرفة: وهذا إما أن بعضهم قاله لبعض أو قالوه كلهم لأنفسهم (تشجيعا) لها وتوطينا على الصبر على القتال والهجوم عليه.

قوله تعالى: {والله مَعَ الصابرين}.

<<  <  ج: ص:  >  >>