للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في نفسه ورجع عن فعله في الخارج فإن كان اختيارا لغير مانع فلا خلاف في عدم المؤاخذة به، بل ذكروا أنه يؤجر على ذلك كما في بعض طرق الحديث (إن) تركها (مأجور)، وإن رجع عنه لمانع منه ففي المؤاخذة به قولان.

هذا محصول ما ذكره القاضي أبو الفضل عياض في الإكمال: «إذا هم العبد بسيئة فلم يعملها» الحديث ذكره مسلم في كتاب الإيمان.

قال ابن عرفة: والكفر خارج من هذا لقول الله تعالى: {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلك لِمَن يَشَآءُ}

وحكى ابن عطية عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما وجماعة أنها لما نزلت قال الصحابة: «هلكنا إن حوسبنا بخواطرنا». فأنزل الله {لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} فمنهم من جعلها ناسخة.

وضعفه ابن عطية لأنه خبر فلا ينسخ. قال لكن ورد أنهم لما قالوا: هلكنا، قال لهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قولوا: «سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا» فقالُوا فنزلت {لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً} فصح النسخ وتشبه الآية حيئنذ قول الله تعالى في الأنفال: {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِاْئَتَيْنِ} ثم نسخت بصبر المائة للمائتين.

قال ابن عرفة: آية الأنفال ليس فيها إلا النسخ لأنّه رفع كلّ الحكم (وآيَتُنَا) هذه تحتمل النسخ والتخصيص كما قال بعضهم.

قال ابن عرفة: ونظير الآية ما خرج مسلم في كتاب الإيمان عن علقمة عن عبد الله قال: لما نزلت

{الذين آمَنُواْ وَلَمْ يلبسوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أولئك لَهُمُ الأمن} شق ذلك على أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ (وقالوا أيّنا لم يظلم نفسه) فقال لهم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ: «ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه: {يابني لاَ تُشْرِكْ بالله إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}».

قال ابن عرفة: وذكر الفقهاء الخلاف إذا شهد شاهدان لرجل بشيء مظروف في شيء وماتا أو غابا هل يكون له الظرف (أم لا)؟ قالوا: إن كان الظرف من ضرورياته لا يمكن أن يجعل إلا فيه كالزيت والخل فهو له بما / فيه باتفاق. وإن لم يكن من ضرورياته كجبّة في صندوق أو في (صرّ) ففي كون الظرف له خلاف.

وذكره ابن الحاجب في كتاب الإقرار قال فيه ما نصه: وثوب في صندوق أو منديل ففي لزوم ظرفه قولان بخلاف زيت في جرة، وجبة وبطانتها، وخاتم وفصه، أي يقبل قوله.

قال ابن عرفة: والآية حجة لمن يقول شهادتهما بالمظروف يستلزم الظرف لأن كون {لِّلَّهِ ما فِي السماوات وَمَا فِي الأرض} يستلزم أن السماوات نفسها له.

قَال ابن عرفة: الآية حجة أيضا لمن يقول: إن الطلاق بالنية (لا) يلزم عندنا وفيه خلاف والمشهور أنه غير لازم.

قوله تعالى: {فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ ... }.

<<  <  ج: ص:  >  >>