للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل لابن عرفة: أو يجاب بأن الأول أفاد استغفارهم عن الفعل الواقع لهم ويبقي إليهم فعله، والعزم على العود، فأفاد قوله تعالى: (وَلَمْ يُصِرُّوا) أو يجاب: بأنهم إذا فعلوا استغفروا لَا يعودون إلى الذنب مرة أخرى، فقال ابن عرفة: إذا عادوا إليه فهو ذنب آخر وفاحشة أخرى ليست منفية بعد الإصرار.

قوله تعالى: (وَهُمْ يَعْلَمُونَ).

قال الزمخشري: حال من فعل الإصرار وحرف النفي منتصبا عليهما معا وفسره بوجوه، ومنها قول بعضهم: (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) إن باب التوبة مفتوح.

ابن عرفة: والمعنى على هذا منصوب على الأول فقط دون الثاني.

قوله تعالى: (خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ).

قال الفخر عن القاضي عبد الجبار من المعتزلة: إنها دليل على أن الثواب مربوط بالعمل، فقال ابن عرفة: نعم تدل على أن هذا الثواب الخاص العمل، وليس فيها حصر بأن لَا ثواب إلا على العمل، وأيضا فالعمل على الإيمان، ونحن نقول: إذا لم يحصل الإيمان فلا ثواب واعتزل الزمخشري ورقق عن مذهبه الفاسد بآثار ذكرها وخلط الصحيح منها بالسقيم، وما توافق عليه أهل السنة، وما يخالفون فيه جملة منه تحمله على الناظر وعمومه عليه، ومن جملتها قوله عن شهر بن حوشب: طلب الجنة بلا عمل ذنب، وأرتجي الرحمة ممن لَا يطاق حمق وجهالة، أي ممن لَا يطيعه راجي منه الرحمة منه، وشهر بن حوشب: ضعيف عند المحدثين، وما حكاه عن الحسن صحيح، وقوله عن رابعة:

ترجوا النجاة ولم تسلك مسالكها ... إن السفينة لَا تجري على اليبس

قال الطيبي قبله:

ما بال نفسك تبغي أن تدنسها ... وثوب جسمك معسول من الدنس

فإن قلت: قال هنا: (وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)، وقال تعالى في العنكبوت: (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) فعطفه هنا بالواو، ولم يعطفه هناك، فأجاب أبو جعفر: بأن هنا وقع ذكر الجزاء منفصلا معطوفا فقال: جزاؤهم مغفرة وجنات، فناسب أن عطف عليها الجملة التي مدح بها ذلك الجزاء، ولما لم [يفصل*] جملة

<<  <  ج: ص:  >  >>