إما أن ذلك في أول أمرهم ثم صبروا، وإما أن التضجر من عوامهم والصبر من خواصهم فببركة صبرهم غفر لعوامهم، وصار الجميع كأنهم صبروا، وحكم العوام لحكمهم.
وتقدم لابن عرفة مرة أخرى قوله تعالى:(وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ) يحتمل أن يكون من كلام الله؟ يعني داخلا في الأمر فيكون من جملة الموحى به، ويحتمل أن يكون خبرا عما وقع في الوجود؛ أي: فألقاها فإِذا هي تلقف، والظاهر الأول لقوله تعالى: في سورة طه (وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا).
مع أن وقع الحق يقتضي ما عداه، فالجواب: أن المراد وقع الشعور بالحق والشعور بالحق لَا يستلزم بطلان ما عداه بل قد يكون ما سواه مرجوحا غير باطل [ ... ] فيكون الواقع هو الراجح، لقوله تعالى:(رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (١٢٢). احتراس؛ لأن فرعون كان يقول: هو ربهم.
قوله تعالى:(قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ).
دليل على أن من قال: جاء زيد قبل عمرو أنه لَا يلزم منه مجيء عمرو لعله لم يجيء البتة؛ لأن فرعون لم يأذن لهم أولا ولا آخرا.