أي تغايرهما مطلقا بإخراجهما من الجنس رأسا بحيث لَا مناسبة بينهما؛ فيقدم الفاضل على المفضول.
فإن قلت: ما نحن بصدده ليس من قبيل (وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ)؛ لأنه من عطف الخاص على العام لأنهما داخلان في الملائكة بخلافه هنا.
قلت: يكفى في الشبه إخراجهما من جنس الكواكب وجعلهما مغايرين لها بالعطف.
فإِن قلت: لم لم يقل: إني رأيت الكواكب والشمس والقمر ليوازي تلك الآيات؟ قلت: القصد الأول في تلك الآية ذكر جبريل وميكائيل، كما دل عليه بسبب النزول، وذكر الملائكة، [للترقية والتمهيد*] بخلافه هنا؛ فسلك به مسلكا علم منه المقصود وأدمج التفضيل والاختصاص، وفيه أمثال؛ قال: إن الآخرة مع تلك البينة ما سلب عليهم نور الولاية والنبوة.
والزمخشري: ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع.
قال صاحب التقريب: وفيه نظر لاتفاقهم على أن عمرا في: ضربت زيدا وعمرا ليس مفعولا معه.
ويجاب أن المعنى ليس أنه مفعول معه؛ فإن سؤاله لم أخر الشمس والقمر؟
ومعناه كيف أخرهما وموضعهما التقديم؟ وأجاب بجوابين:
أحدهما: فيه التزام التأخير لإفادة المبالغة في التغاير.
وثانيهما: أن الواو لَا توجب الترتيب لأن مقتضاها الجمعية؛ لأنها بمعنى مع؛ كأنه قيل: رأيت الشمس والقمر والكواكب دفعة واحدة.
يؤيده قوله في تفسير قوله تعالى (لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ) وإنما وجد الراجع في به؛ لأن الواو بمعنى مع فيتوحد المرجوع إليه.
وقوله بعد ذلك (يَخْلُ لَكُمْ ... (٩)
إما مجرور بإضمار أن والواو بمعنى مع؛ كقوله تعالى (وَتَكْتُمُونَ الحَقَّ).