للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم أتجشّم مرارة تماديك، ولكن استخفتنا صبابتنا، فاحتملنا قسوتك، لعظيم قدر مودتك، وأنت أحقّ من اقتصّ «١» لصلتنا من جفائه، ولشوقنا من إبطائه.

وله: كتبت إليك ونفسى رهينة بشكرك «٢» ، ولسانى علق بالثناء عليك، والغالب على ضميرى لائمة لنفسى، واستقلال لجهدى فى مكافأتك، وأنت- أصلحك الله! - فى عزّ الغنى عنى، وأنا تحت ذلّ الفاقة إلى عطفك، وليس من أخلاقك أن تولى جانب النّبوة منك من هو عان فى الضّراعة إليك.

ودخل العتابى على الرشيد فقال: تكلّم يا عتابى؛ فقال: الإيناس «٣» قبل الإبساس، لا يحمد المرء بأول صوابه، ولا يذمّ بأول خطئه؛ لأنه بين كلام زوّره، أوعىّ حصره.

ومرّ العتابى بأبى نواس وهو ينشد الناس:

ذكر الكرخ نازح الأوطان ... فبكى صبوة ولات أوان

فلما رآه قام إليه، وسأله الجلوس، فأنى؟؟؟ وقال: أين أنا منك وأنت القائل، وقد أنصفك الزمان:

قد علقنا من الخصيب حبالا ... أمّنتنا طوارق الحدثان

وأنا القائل وقد جار علىّ، وأساء إلىّ:

لفظتنى البلاد، وانطوت الأك ... فاء دونى، وملّنى جيرانى

والتقت حلقة علىّ من الدّه ... ر فماجت بكلكل وجران

نازعتنى أحداثها منية النف ... س وهدّت خطوبها أركانى

خاشع للهموم معترف القل ... ب كئيب لنائبات الزمان

<<  <  ج: ص:  >  >>