للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[من رسائل الميكالى]]

فصل لأبى الفضل الميكالى من كتاب تعزية عن أبى العباس بن الإمام أبى الطيب.

لئن كانت الرزيّة بمصيبة مؤلمة، وطرق العزاء والسّلوة مبهمة، لقد حلّت بساحة من لا تنتقض بأمثالها مرائره، ولا تضعف عن احتمالها بصائره، بل يتلقّاها بصدر فسيح يحمى أن يفتح الحزن بابه، وصبر مشيح يحمى أن يحبط الجزع أجره وثوابه، ولم لا وآداب الدين من عنده تلتمس، وأحكام الشرع من بنانه ولسانه تستفاد وتقتبس، والعيون ترمقه «١» فى هذه الحال لتجرى على سننه، وتأخذ بآدابه وسننه؛ فإن تعزّت القلوب فبحسن تماسكه عزاؤها، وإن حسنت الأفعال فإلى حميد أفعاله ومذاهبه اعتزاؤها.

وله من تعزية إلى أبى عمرو البحترى: قدّس الله روحه، وسقى ضريحه؛ فلقد عاش نبيه الذّكر، جليل القدر، عبق الثناء والنّشر، يتجمّل به أهل بلده، ويتباهى بمكانه ذوو مودّته، ويفتخر الأثر وحاملوه بتراخى بقائه ومدّته، حتى إذا تسنّم ذروة «٢» الفضائل والمناقب، وظهرت محاسنه كالنجوم الثواقب، اختطفته يد المقدار، ومحى أثره بين الآثار، فالفضل خاشع الطّرف لفقده، والكرم خالى الرّبع من بعده، والحديث يندب حافظه ودارسه، وحسن العهد يبكى كافله وحارسه.

وله: فأما الشكر الذى أعارنى رداءه، وقلّدنى طوقه وسناءه؛ فهيهات أن ينتسب إلا إلى عادات فضله وإفضاله، ولا يسير إلّا تحت رايات عرفه ونواله، وهو ثوب لا يحلّى إلا بذكره طرازه، واسم له حقيقته ولسواه مجازه، ولو أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>