الضّر، والزمن المرّ، وضيف وطؤه خفيف، وضالّته رغيف، وجار يستعدى على الجوع، والجيب المرقوع، وغريب أوقدت النار على سفره، ونبح العوّاء فى أثره «١» ، ونبذت خلفه الحصيّات، وكنست بعده العرصات، فنضوه طليح، وعيشه تبريح «٢» ، ومن دون أفراخه مهامه فيح «٣» .
قال عيسى بن هشام: فقبضت من كيسى قبضة الليث وبعثتها إليه، وقلت زدنا سؤالا نزدك نوالا، فقال: ما عرض عرف العود، على أحرّ من نار الجود، ولا لقى وفد البرّ، بأحسن من بريد الشكر، ومن ملك الفضل فليواس، فلا يذهب العرف بين الله والناس، وأما أنت فحقّق الله أملك، وجعل اليد العليا لك.
قال عيسى بن هشام: ففتحنا الباب، فإذا شيخنا أبو الفتح الإسكندرى، فقلنا: يا أبا الفتح، شدّ ما بلغت بك الخصاصة، وهذا الزىّ خاصة! فتبسم وأنشأ يقولى:
لا يغرنّك الذى ... أنا فيه من الطلب
أنا فى بردة تشقّ ... لها بردة الطّرب
أنا لو شئت لاتّخذ ... ت شقاقا من الذهب
[[من رسائل البديع]]
وكتب البديع إلى بعض إخوانه: غضب العاشق أقصر عمرا من أن ينتظر عذرا، وإن كان فى الظاهر مهابة سيف، إنه فى الباطن سحابة صيف، وقد رابنى إعراضه صفحا، أفجدّا قصد أم مزحا، ولو التبس القلبان حقّ التباسهما ما وجد الشيطان بينهما مساغا، ولا والله لا أريك ردّا، أجد منه بدّا، وإن محبة تحتمل شكّا لأجدر محبة، ألّا تشترى بحبّة، وإن كان