للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كنت يوما عند العباس بن خالد، وكان ممن حبّب الله إليه أن يتحدّث، فأخذ يحدّثنى، وينتقل من حديث إلى حديث، وكنا في صحن له، فلما بلغتنا الشمس انتقلنا إلى موضع آخر، حتى صار الظلّ فيئا؛ فلما أكثر وأضجر، ومللت حسن الأدب في حسن الاستماع، وذكرت قول الأوزاعى: إن حسن الاستماع قوة للمحدث، قلت له: إذا كنت وأنا أسمع قد عييت مما لا كلفة علىّ فيه، فكيف أراك وأنت المتكلم؟ فقال: إنّ الكلام يحلّل الفضول اللّزجة الغليظة التي تعرض فى اللهوات وأصل اللسان ومنابت الأسنان، فوثبت وقلت: لا أرانى معك اليوم إلا «إيارج الفيقرا» ؛ فأنت تتغر غربى! فاجتهد في أن أجلس فلم أفعل.

قال أحمد بن الطيب: كنا مرّة عند بعض إخواننا، فتكلّم وأعجبه من نفسه البيان، ومنّا حسن الاستماع، حتى أفرط، فعرض لبعض من حضر ملل، فقال: إذا بارك الله في الشىء لم يفن، وقد جعل الله تعالى في حديث أخينا البركة!.

ولعبد الله بن سالم الخياط في رجل كثير الكلام:

لى صاحب في حديثه البركه ... يزيد عند السكون والحركه

لو قال لا في قليل أحرفها ... لردّها بالحروف مشتبكه

ومن طرائف التطويل ما أنشأه البديع، وسيمرّ من كلامه ما هو آنق من زهر الربيع.

[[الملح]]

قال الأصمعى: بالعلم وصلنا، وبالملح نلنا، وقال الأصمعى أيضا: أنشدت محمد بن عمران قاضى المدينة، وكان أعقل من رأيته:

يأيها السائل عن منزلى ... نزلت في الخان على نفسى

<<  <  ج: ص:  >  >>