للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما بعد حولين مرّا من مطالبة ... ولا مقام لذى دين وذى حسب

لئن رحلت ولم أظفر بفائدة ... من الأمير لقد أعذرت فى الطّلب

فوقع أبو عبيد الله: يصنع الله لك! فكتب إليه:

ما أردت الدعاء منك لأنى ... قد تيقّنت أنه لا يجاب

أيجاب الدعاء من مستطيل ... جلّ تسبيحه الخنا والسّباب

[ألفاظ لأهل العصر، فى ذكر الاستطالة والكبر]

مع ما يشاكل ذلك من معانيها، ويطرق نواحيها من المساوى والمقابح فلان لسانه مقراض للأعراض، لا يأكل خبزه إلا بلحوم الناس. هو غرض يرشق بسهام الغيبة، وعلم يقصد بالوقيعة، قد تناولته الألسن العاذلة، وتناقلت حديثه الأندية الحافلة. قد لزمه عار لا يمحى رسمه، ولزمه شنار لا يزول وسمه، فأصبح [نقل كلّ لسان، وضحكة كل إنسان «١» ، وصار دولة الألسن، ومثلة الأعين. وقد عرّض عرضه] غرضا لسهام الغائبين، وألسنة القاذفين، وقلّد نفسه عظيم العار والشّنار، والسّبّة الخالدة على الليل والنهار. قد أسكرته خمرة الكبر، واستغرقته عرّة التّيه، كأن كسرى حامل غاشيته، وقارون وكيل نفقته، وبلقيس إحدى داياته، وكأنّ يوسف لم ينظر إلا بطلعته، [وداود لم ينطق إلّا بنغمته] ، ولقمان لم يتكلم إلا بحكمته، والشمس لم تطلع إلا من جبينه، والغمام لم يند إلا من يمينه، وكأنه امتطى السّماكين، وانتعل الفرقدين، وتناول النّيّرين بيدين، وملك الخافقين، واستعبد الثقلين، وكأن الخضراء له عرشت، والغبراء باسمه فرشت.

<<  <  ج: ص:  >  >>