للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن المعتز:

يا ربّ جود جرّ فقر امرىء ... فقام للناس مقام الذليل

فاشدد عرا مالك واستبقه ... فالبخل خير من سؤال البخيل

وكتب بعض البخلاء يصف بخيلا: حضرت- أعزّك الله- مائدة فلان للقدر المجلوب، والحين المتاح «١» ، والشقاء الغالب، فرأيت أوانى تروق العيون محاسنها، ويونق النفوس ظاهرها وباطنها، وتزهى اللحظات ببدائع غرائبها، وتستوفى الشهوات بلطائف عجائبها، مكلّلة بأحسن من حلى الحسان ووجوهها وزهر الرياض ونورها؛ كأنّ الشمس حلّت بساحتها، والبدر يغرف من جوانبها فمددت يدا عنّتها الشراهة، وغلبها القدر الغالب، وجرّها الطمع الكاذب، وإذا له مع كسر كل رغيف لحظة نكر، ومع كل لقمة نظرة شزر، وفيما بين ذلك حرق قائمة، يصلى بها من حضره من الغلمان والحشم، [وقام بين يديه من الولدان] والخدم، ومع ذلك فترة المغشىّ عليه من الموت؛ فلما وضعت الحرب أوزارها برفع الخوان، وتخلت عنه سمادير الغشيان «٢» ، بسط لسان جهله، ونصر ما كان من بخله، ونظر إلى مؤاكله، نظر المسترقّ له بأكلته، المالك لخيط رقبته! يظنّ أنه أولى من والديه بنسبته، وأحقّ بماله، من ولده وعياله، يرى ذلك [فضلا، وحقا لازما، وأمرا واجبا] نزل به الكتاب والسنة، واتّفق عليه قضاة الأمة، فإن دفعه رد حكم القضاة عليه، وإن سمح به فغير محمود عليه.

[فقر لابن المعتز وغيره فى الصديق والصدق]

إنما سمّى الصديق صديقا لصدقه فيما يدّعيه لك، وسمّى العدو عدوا لعدوه

<<  <  ج: ص:  >  >>