للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بدء الكتاب]

قد تمّ ما استفتحت به التأليف، وجعلته مقدمة التصنيف، مع ما اقترن به، وانضاف إليه، والتفّ به، وانعطف عليه، ورأيت أن أبتدىء مقدّمات البلاغات بغرر التحاميد وأوصافها «١» ، وما يتعلّق بأثنائها وأطرافها.

وقد قال سهل بن هارون في أول كتاب عمله: يجب على كلّ مبتدىء مقالة أن يبتدىء بحمد الله قبل استفتاحها، كما بدىء بالنعمة قبل استحقاقها.

ولأهل العصر: أولى ما فغر به الناطق فمه «٢» وافتتح به كلمه، حمد الله جلّ ثناؤه، وتقدّست أسماؤه. حمد الله خير ما ابتدىء به القول وختم، وافتتح به الخطاب وتمّم.

وقال أبو العباس عبد الله بن المعتز بالله: إنّ الله جلّ ثناؤه لا يمثّل بنظير، ولا يغلب بظهير «٣» ، جلّ عن موقع تحصيل أدوات البشر، ولطف عن ألحاظ خطرات الفكر، لا يحمد إلا بتوفيق منه يقتضى حمدا، فمتى تحصى نعماؤه، وتكافأ آلاؤه؟ عجز أقصى الشكر عن أداء نعمته، وتضاءل ما خلق في سعة قدرته؛ قدر فقدّر، وحكم فأحكم؛ وجعل الدّين جامعا لشمل عباده، والشرائع منارا على سبيل طاعته؛ يتبعها أهل اليقين به، ويحيد عنها أهل الشك فيه.

أخذ أبو العباس قوله: «ولا يحمد إلا بتوفيق منه يقتضى حمدا» من قول محمود بن الحسن الوراق:

إذا كان شكرى نعمة الله نعمة ... علىّ له في مثلها يجب الشّكر

فكيف بلوغ الشّكر إلّا بفضله ... وإن طالت الأيام واتّصل العمر

<<  <  ج: ص:  >  >>