للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عطوفا، ولقد كنت فى الحىّ مسوّدا، وإلى الخليفة موفدا، ولقد كانوا لقولك مستمعين، ولرأيك متّبعين؛ ثم أقبلت على الناس فقالت: ألا إن أولياء الله فى بلاده، شهود على عباده، وإنى لقائلة حقّا، ومثنية صدقا، وهو أهل لحسن الثناء، وطيب النّثا «١» ، أما والذى كنت من أجله فى عدّة، ومن الحياة إلى مدّة، ومن المقدار إلى غاية، ومن الإياب إلى نهاية، الذى رفع عملك، لما قضى أجلك، لقد عشت حميدا مودودا، ومتّ سعيدا مفقودا، ثم انصرفت وهى تقول:

لله درّك يا أبا بحر ... ماذا تغيّب منك فى القبر؟

لله درّك أىّ حشو ثرى ... أصبحت من عرف ومن نكر

إن كان دهر فيك جرّ لنا ... حدثا به وهنت قوى الصّبر «٢»

فلكم يد أسديتها ويد ... كانت تردّ جرائر الدهر «٣»

ثم انصرفت فسئل عنها، فإذا هى امرأته وابنة عمه. فقال الناس: ما سمعنا كلام امرأة قطّ أبلغ ولا أصدق منه.

قال: وكان الأحنف قدم الكوفة فى أيام مصعب بن الزبير، فرآه رجل أعور دميما قصيرا أحنف الرجلين، فقال له: يا أبا بحر؛ بأى شىء بلغت فى الناس ما أرى؛ فوالله ما أنت بأشرف قومك، ولا أجودهم؟! فقال: يا ابن أخى، بخلاف ما أنت فيه! قال: وما هو؟ قال: تركى من أمرك ما لا يعنينى، كما عناك من أمرى ما لا تتركه.

[[منصور النمرى]]

اجتمع الشعراء بباب المعتصم فبعث إليهم: من كان منكم يحسن أن يقول مثل قول منصور النّمرى فى أمير المؤمنين الرشيد:

<<  <  ج: ص:  >  >>