للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مرجعه ذلك العقل، ومصيره ذلك الفضل، ومنصبه ذلك الأصل. وعصارته ذلك النسل، وقعيدته تلك الأهل] ، وقوله ذلك القول، وفعله ذلك الفعل، فكان ماذا؟ أليس [ما] قد سلب أكثر مما أوتى، وما عدم أوفر مما غنم! مالك تنظر إلى ظاهره، وتعمى عن باطنه؟ أكان يعجبك أن تكون قعيدته فى بيتك، وبغلته من تحتك، أم كان يسرّك أن تكون أخلافه فى إهابك، وبوّابه على بابك، أم كنت تودّ أن تكون وجعاؤه فى إزارك، وغلمانه فى دارك، أم كنت ترضى أن تكون فى مربطك أفراسه، وعليك لباسه، ورأسك راسه؟ جعلت فداك! ما عندك خير مما عنده، فاشكر الله وحده على ما آتاك، واحمده على ما أعطاك، ثم أنشد:

إن الغنىّ هو الراضى بعيشته ... لا من يظلّ على الأقدار مكتئبا

[[فى البخل]]

ألّف سهل بن هارون كتابا «١» يمدح فيه البخل ويذمّ الجود؛ ليظهر قدرته على البلاغة، وأهداه للحسن بن سهل فى وزارته للمأمون، فوقع عليه: لقد مدحت ما ذمّه الله، وحسّنت ما قبّح الله، وما يقوم صلاح لفظك بفساد معناك، وقد جعلنا نوالك عليه قبول قولك فيه.

وكان الحسن من كرماء الناس وعقلائهم. سئل أبو العيناء عنه، فقال:

كأنما خلف آدم فى ولده، فهو ينفع عيلتهم، ويسدّ خلّتهم، ولقد رفع الله للدنيا من شأنها، إذ جعله من سكّانها أخذ هذا المعنى أبو العيناء من قول الشاعر:

وكأنّ آدم كان قبل وفاته ... أوصاك وهو يجود بالحوباء

ببنيه أن ترعاهم فرعيتهم ... وكفيت آدم عيلة الأبناء

<<  <  ج: ص:  >  >>