للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جودين: إما أن أجود ببأسى، وإمّا أن أجود برأسى؛ وبين ركوبين: إمّا المفازة، وإمّا الجنازة؛ وبين طريقين: إما الغربة، وإمّا التربة؛ وبين فراقين: إمّا أن أفارق أرضى، أو أفارق عرضى؛ وبين راحلتين: إمّا ظهور الجمال، وإمّا أعناق الرجال؛ فاخترت السماح بالوطن، على السماح بالبدن؛ وأنشدت:

إذا لم يكن إلّا المنية مركب ... فلا رأى للمحمول إلا ركوبها

ولّد ما ذكر من «كعبة [المحتاج، لا كعبة] الحجّاج» ، من قول أبى تمام:

بيتان حجّههما الأنام؛ فهذه ... حجّ الغنىّ، وتلكم للمعدم

[أبو علىّ البصير وشىء من أدبه]

وشتم بعض الطالبيين أبا علىّ الفضل بن جعفر البصير، فقال أبو علىّ: والله ما نعيا عن جوابك، ولا نعجز عن مسابّك؛ ولكنّا نكون خيرا لنسبك منك، ونحفظ منه ما أضعت؛ فاشكر توفيرنا ما وفّرنا منك، ولا يغرّنّك بالجهل علينا حلمنا عنك.

وسأل أبو على البصير بعض الرؤساء حاجة ولقيه؛ فاعتذر إليه من تأخّرها؛ فقال أبو علىّ: فى شكر ما تقدّم من إحسانك شاغل من استبطاء ما تأخّر منه.

وأبو علىّ أحد من جمع له حظّ البلاغة في الموزون والمنثور، وهو القائل:

ألمّت بنا يوم الرحيل اختلاسة ... فأضرم نيران الهوى النّظر الخلس

تأبّت قليلا وهي ترعد خيفة ... كما تتأبّى حين تعتدل الشمس

فخاطبها صمتى بما أنا مضمر ... وأنبست حتى ليس يسمع لى حسّ

وولّت كما ولى الشباب لطيّة ... طوت دونها كشحا على يأسها النفس

وقال يصف بلاغة الفتح بن خاقان وشعره:

سمعنا بأشعار الملوك؛ فكلّها ... إذا عضّ متنيه الثّقاف تأوّدا

سوى ما رأينا لامرئ القيس؛ إننا ... نراه- متى لم يشعر الفتح- أوحدا

<<  <  ج: ص:  >  >>