للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ادّعاء]

قال عبد الله بن عبد العزيز، وكان من أفاضل أهل زمانه: قال لى موسى ابن عيسى: أنهى «١» إلى أمير المؤمنين، يعنى الرشيد، أنك تشتمه، وتدعو عليه، فبأىّ شىء استجزت «٢» ذلك؟ قال: أما شتمه فهو والله إذا أكرم علىّ من نفسى، وأما الدعاء عليه فوالله ما قلت «اللهم إنه أصبح عبئا ثقيلا على أكتافنا، لا تطيقه أبداننا، وقذى فى عيوننا، لا تنطبق عليه أجفاننا، وشجى فى حلوفنا، لا تسيغه أفواهنا؛ فاكفنا مؤنته، وفرّق بيننا وبينه» ! ولكنى قلت: «اللهم إن كان تسمّى الرشيد ليرشد فأرشده، أو أتى غير ذلك «٣» فراجع به، اللهم إن له فى الإسلام بالعباس حقّا على كلّ مسلم، وله بنبيك قرابة ورحما، فقرّبه من كل خير، وباعده من كل شر، وأسعدنا به، وأصلحه لنفسه ولنا» . فقال له: يغفر الله لك يا عبد العزيز، كذلك بلغنا.

[[عزل وال]]

ولما حجّ الرشيد سنة ست وثمانين ومائة دخل مكة وعديله يحيى بن خالد؛ فانبرى إليه العمرى فقال: يا أمير المؤمنين، قف حتى أكلّمك! فقال: أرسلوا زمام الناقة، فأرسلوه، فوقفت فكأنما أوتدت، فقال: [أقول؟ قال:] قل، فقال:

اعزل عنا إسماعيل بن القاسم. [قال: ولم؟ قال:] لأنه يقبل الرشوة، ويطيل النّشوة، ويضرب بالعشوة، قال: قد عزلناه [عنك،] ثم التفت إلى يحيى فقال:

أعندك مثل هذه البديهة؟ فقال: إنه ليجب أن يحسن إليه، قال: إذا عزلنا عنه من يريد عزله فقد كافأناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>