للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلّ كلامه في التشبيه، عن أن يمثّل بنظير أو شبيه، وعلت أشعاره في الأوصاف.

عن أن تتعاطاها ألسنة الوصّاف؛ والأمير أبى فراس بن حمدان فارس البلاغة.

ورجل الفصاحة، ومن حكمت له شعراء العصر قاطبة بالسيادة، واعترفت لكلامه بالإحسان والإجادة، حتى قال أبو القاسم إسماعيل بن عباد الصاحب: بدىء الشعر بملك وختم بملك، يعنى امرأ القيس وأبا فراس؛ وهذه الطائفة أشهر الثلاثة تقدّما، وأثبتها في مواطن الفخر ومواطىء الشرف قدما، وأسبق الشعراء فى ميدان البلاغة، وأرجحهم في ميدان البراعة؛ فإنّ الكلام الصادر عن الأعيان والصدور، أقرّ للعيون وأشفى للصدور، فشرف القلائد بمن قلّدها، كما أن شرف العقائل بمن ولّدها:

وخير الشّعر أكرمه رجالا ... وشرّ الشّعر ما قال العبيد

وإذا اتفق من اجتمعت فيه هذه الشرائط، وانتظمت عنده هاتيك المحاسن، كان خليقا بأن تخلّد في صحائف القلوب أشعاره، وتدوّن في ضمائر النفوس آثاره، وتكتب على الأحداق والعيون أخباره، وجديرا بأن يختصّ بسرعة المجال في المجالس، وخفّة المدار في المدارس، كالأمير الجليل السيد مولانا:

أبى الفضل من نال السماء بفضله ... ومن وعدته نفسه بمزيد

تودّ عقود الدرّ لو كنّ لفظه ... فينظمها من توأم وفريد

[وهذه مقطعات لأهل العصر في وصف البلاغة]

قال أبو الفتح البستى:

مدحتك فالتامت قلائد لم يفز ... بأمثالها الصّيد الكرام الأعاظم

لأنك بحر والمعانى لآلىء ... وفكرى غوّاص وشعرى ناظم

وقال أيضا:

ما إن سمعت بنوّار له ثمر ... فى الوقت يمتع سمع المرء والبصرا

<<  <  ج: ص:  >  >>