للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الطائى مع جودة شعره بليغ الخطاب، حاضر الجواب، وكان يقال:

ثنتان قلّما يجتمعان: اللسان البليغ، والشعر الجيد.

وقال الحسن بن جنادة الوشّاء: انصرف أبو تمام من عند بعض أصحاب السلطان، فوقف علىّ، فقلت: من أين؟ فقال: كنت عند بعض الملوك فأكلنا طعاما طيّبا، وفاكهة فاضلة، وبخرّنا وغلّفنا؛ فخرجت هاربا من المجلس، نافرا إلى التسلى، وما فى منزلى نبيذ [فإن كان عندك منه شىء فامنحنى، فقلت: ما عندى نبيذ] ، ولكن عندى خمر أريده لبعض الأدوية، فقال: دع اسمه، وأعطنا جسمه، فليس يثنينا عن المدام، ما هجّنته «١» به من اسم الحرام..

[[استنجاز أعرابى موعدة]]

قال عبيد الله بن محمد بن صدقة: كنّا عند أبى عبيد الله «٢» ، فدخل عليه أعرابى قد كان له عليه وعد، فقال له: أيها الشيخ السيد، إنى والله أتسحّب على كرمك، وأستوطىء فراش مجدك، وأستعين على نعمك بقدرك؛ وقد مضى لى موعدان، فاجعل النّجح ثالثا، أقد لك الشّكر فى العرب شادخ الغرّة، بادى الأوضاح.

فقال أبو عبيد الله: ما وعدتك تغريرا، ولا أخّرتك تقصيرا، ولكن الأشغال تقطعنى، وتأخذ بأوفر الحظّ منى، وأنا أبلغ لك جهد الكفاية، ومنتهى الوسع بأوفر مأمول، وأحمد عاقبة، وأقرب أمد، إن شاء الله تعالى فقال الأعرابى: يا جلساء الصّدق، قد أحصرنى التطول، فهل من معين منجد ومساعد منشد؟ فقال بعض أحداث الكتاب لأبى عبيد الله: والله- أصلحك الله- لقد قصدك، وما قصدك حتى أمّلك، وما أمّلك إلا بعد أن أجال النظر، فأمن الخطر، وأيقن بالظّفر، فحقق له أمله بتهيئة القليل، وتهنئة التعجيل. قال الشاعر:

إذا ما اجتلاه المجد عن وعد آمل ... تبلّج عن بشر ليستكمل البشرا

ولم يثنه مطل العداة عن التى ... تصون له الحمد الموفّر والأجرا

<<  <  ج: ص:  >  >>