للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال البحترى:

سقى الغيث أكناف اللّوى من محلة ... إلى الحقف من رمل اللوى المتقاود

ولا زال مخضرّ من الرّوض يانع ... عليه بمحمرّ من النّور جاسد

شقائق يحملن الندى فكأنّه ... دموع التصابى في خدود الخرائد

ومن لؤلؤ في الأقحوان منظّم ... ومن نكت مصفرّة كالفرائد

كأن جنى الحوذان فى رونق الضحى ... دنانير تبر من تؤام وفارد

إذا راوحتها مزنة بكرت لها ... شآبيب مجتاز عليها وقاصد

رباغ تردّت بالرياض مجودة ... بكل جديد الماء عذب الموارد «١»

كأنّ يد الفتح بن خاقان أقبلت ... تليها بتلك البارقات الرّواعد

[[فى مجلس المبرد]]

قال أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه: قال لى البحترى وقد اجتمعنا على خلوة عند المبرد وسلكنا مسلكا من المذاكرة: أشعرت أنى سبقت الناس كلهم إلى قولى:

شقائق يحملن النّدى فكأنّه ... دموع التّصابى في خدود الخرائد

كأن يد الفتح بن خاقان أقبلت ... تليها بتلك البارقات الرّواعد

هكذا أنشد، فاستحسن ذلك المبرد استحسانا أسرف فيه، وقال: ما سمعت مثل هذه الألفاظ الرّطبة، والعبارة العذبة، لأحد تقدّمك ولا تأخّر عنك. فاعترته أريحيّة جرّبها رداء العجب؛ فكأنه أعجبنى ما يعجب الناس من مراجعة القول؛ فقلت: يا أبا عبادة، لم تسبق إلى هذا، بل سبقك سعيد بن حميد الكاتب إلى البيت الأول بقوله:

عذب الفراق لنا قبيل وداعنا ... ثم اجترعناه كسمّ ناقع

<<  <  ج: ص:  >  >>