للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الرياشى: كتب ملك الروم إلى المعتصم كتابا يتهدّده فيه، فأمر بجوابه، فلما قرىء عليه لم يرض ما فيه، وقال لبعض الكتاب: اكتب «أمّا بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت خطابك، والجواب ما ترى، لا ما تسمع، وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار» .

وهذا نظير قول قطرى للحجّاج، وقد كتب إليه كتابا يتهدّده، فأجابه قطرى: أما بعد، فالحمد لله الذى لو شاء لجمع شخصينا؛ فعلمت أنّ متاقفة الرجال [أقوم] من تسطير المقال، والسلام «١» .

[[كعب بن معدان الأشعرى عند الحجاج] [ووصفه بنى المهلب بن أبى صفرة]]

ولما افتتح المهلب خراسان، ونفى الخوارج عنها، وتفرّقت الأزارقة كتب الحجاج إليه أن اكتب لى بخبر الوقيعة، واشرح لى القصة حتى كأنى شاهدها؛ فبعث إليه المهلب كعب بن معدان الأشعرىّ، فأنشده قصيدة فيها ستون بيتا تقتصّ خبرهم لا يخرم منه شيئا؛ فقال له الحجاج: أخطيب أم شاعر؟ قال له:

كلاهما، أعزّ الله الأمير! قال: أخبرنى عن بنى المهلب، فقال له: المغيرة سيدهم، وكفاك بيزيد فارسا، وما لقى الأبطال مثل حبيب، وما يستحيى شجاع أن يفرّ من مدرك، وعبد الملك موت [ذعاف وسمّ] ناقع، وحسبك بالمفضّل فى النّجدة، واستجهز قبيصة، ومحمد ليث غاب، فقال الحجاج: ما أراك فضلت عليهم واحدا منهم؛ فأخبرنى عن جملتهم ومن أفضلهم؟ فقال: هم- أعزّ الله الأمير! - كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفها، قال: إنّ خبر حربكم كان يبلغنى عظيما، أفكذلك كان؟ قال: نعم أيها الأمير، والسماع دون العيان. قال:

أخبرنى كيف رضا المهلّب عن جنده ورضا جنده عنه؟ قال: أعزّ الله الأمير،

<<  <  ج: ص:  >  >>