للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: والله ما كنت إلا أنا وصاحب لى على حمار هزيل! فضحك وعفا عنه، وهو القائل:

أهاجتك الظّعائن يوم بانوا ... بذى الزّىّ الجميل من الأثاث «١»

ظعائن أسلكت في بطن قوّ ... تحثّ إذا رنت أى احتثاث

كأنّ على الهوادج يوم بانوا ... نعاجا ترتعى بقل البراث «٢»

يهيّجك الحمام إذا تغنّى ... كما سجع النّوادب بالمراثى

[[من أدب ابن المعتز]]

وقال ابن المعتز: وعد الدنيا إلى خلف، وبقاؤها إلى تلف، وبعد عطائها المنع، وبعد أمانها الفجع، طوّاحة طرّاحة، آسية جرّاحة، كم راقد في ظلّها قد أيقظته، وواثق بها قد خانته، حتى يلفظ نفسه، ويودّع دنياه، ويسكن رمسه، وينقطع عن أمله، ويشرف على عمله، وقد رجح الموت بحياته «٣» ، ونقض قوى حركاته، وطمس البلى جمال بهجته، وقطع نظام صورته، وصار كخطّ من رماد تحت صفائح أنضاد «٤» ؛ وقد أسامه الأحباب، وافترش التّراب، فى بيت نجرته المعاول «٥» ، وفرشت فيه الجنادل، ما زال مضطربا في أمله، حتى استقرّ فى أجله، ومحت الأيام ذكره، واعتادت الألحاظ فقده.

وكتب وهو معتقل إلى أستاذه أبى العباس أحمد بن يحيى ثعلب «٦» يتشوّقه:

ما وجد صاد بالحبال موثق ... بماء مزن بارد مصفّق «٧» .

<<  <  ج: ص:  >  >>