للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا عجب أن يمسك فى هذا العارض ما يمسّ أولى المشاركة، ويخصّك من الاهتمام ما خص ذوى المشابكة.

وله إليه أيضا فى أمر غزاة: ورد خبرك أكرمك الله تعالى بنفوذك لوجهك فيمن جمعهم الله تعالى للسّعى فى سبيله إلى جملتك؛ فامّلنا أن يكون ذلك موصولا بأعظم الخيرة، مؤدّيا إلى أحسن المغبّة. إلا أنّا أحسسنا من الغزاة الذين بهم تعتضد، وإياهم تستنجد، فتور نيّات، وفساد طويّات؛ وهذا كما علمت باب عظيم يجب الاطلاع بالفكر والرأى عليه، والاحتراس بالجدّ والجهد من الخطل فيه. [فسبيلك أن تتأمّل أمرك بعين استقصاء العورة، واستدراك الآخرة] ، فإن أنت وجدت فى عدتك تمام القدرة، وفى عدّتك مقدار الكفاية، ولم تجد نيّات أولئك الغزاة مدخولة، ولا عراهم محلولة «١» ، استخرت الله تعالى فى المسير بكلّ ما تقدر عليه من الحزم فى أمرك، ثم إن تكن الأخرى، وكان القوم على ما ذكرت من كلال البصائر، وضعف المرائر «٢» ، عملت على التلوّم لحديث يحدّثك به كتابنا هذا إن اجتليت ما ذكرته، وإن لم تبلغ بلاغة ما اخترته، فاعتلق بذيله «٣» .

[[من مقامات بديع الزمان]]

وهذه المقامة من إنشاء البديع، قال عيسى بن هشام: غزوت الثغر بقزوين سنة خمس وسبعين، فما اجتزنا حزنا، إلّا هبطنا بطنا، حتى وقف بنا المسير على بعض قراها، فمالت الهاجرة بنا إلى ظل أثلاث فى حجرها عين كلسان الشمعة، أصفى من الدمعة، تسيح فى الرّضراض، سيح النّضناض «٤» ؛ فنلنا من المأكل ما نلنا، ثم ملنا إلى الظل فقلنا؛ فما ملكنا النوم حتى سمعنا صوتا أنكر من صوت الحمار، ورجعا أضغف من رجع الحوار، يشفعهما صوت طبل كأنه خارج

<<  <  ج: ص:  >  >>