للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاجتى، ولا راجيا عطف قرابتى؛ لأنى أقدم على قوم أطغاهم الشيطان، واستمالهم السلطان، وساعدهم الزّمان، وأسكرتهم حداثة الأسنان.

وخرج المهدى بعد هدأة من الليل يطوف بالبيت، فسمع أعرابية من جانب المسجد تقول: قوم متظلّمون، نبت عنهم العيون، وفدحتهم الدّيون؛ وعضّتهم السنون، باد رجالهم، وذهبت أموالهم، وكثر عيالهم، أبناء سبيل، وأنضاء طريق «١» ، وصية الله، ووصية رسول الله، فهل آمر بخير، كلأه الله فى سفره، وخلفه فى أهله. فأمر نصرا الخادم، فدفع إليها خمسمائة درهم.

[[من مقامات البديع]]

ومن إنشاء البديع فى مقامات أبى الفتح الإسكندرى: حدثنى عيسى بن هشام قال: كنت ببغداذ، فى وقت الأراذ «٢» ؛ فخرجت إلى السوق أعتام «٣» من أنواعه، لابتياعه، فسرت غير بعيد إلى رجل قد أخذ أنواع الفواكه وصفّفها، وجمع أنواع الرّطب وصنّفها؛ فقبضت من كل شىء أحسنه، وقرضت من كل نوع أجوده؛ وحين جمعت حواشى الإزار، على تلك الأوزار، أخذت عيناى رجلا قد لفّ رأسه [ببرقع] حياء، ونصب جسده، وبسط يده، واحتضن عياله، وتأبّط أطفاله، وهو يقول بصوت يدفع الضعف فى صدره، والحرض فى ظهره:

ويلى على كفّين من سويق ... أو شحمة تضرب بالدقيق

أو قصعة تملأ من خرديق ... تفثأ عنّا سطوات الرّيق

تقيمنا عن منهج الطريق ... يا رازق الثروة بعد الضيق

سهّل على كفّ فتى لبيق ... ذى حسب فى مجده عريق

<<  <  ج: ص:  >  >>