للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى قصيدته التي مدح بها أحمد بن محمد بن ثوابة حين ساوره، وقال: لو أتى لبيد لتعجّب منه، فاستجز له وقال:

ولمّا دعانى للمثوبة سيّد ... يرى المدح عارا قبل بذل المثاوب

تنازعنى رغب ورهب كلاهما ... قوىّ، وأعيانى طلوع المعايب

فقدّمت رجلا رغبة في رغيبة ... وأخّرت رجلا رهبة للمعاطب

أخاف على نفسى وأرجو مفازها ... وأستار غيب الله دون العواقب

ألا من يرينى غايتى قبل مذهبى ... ومن أين والغايات بعد المذاهب

[[من اعتذارات البديع]]

نسخة رقعة كتبها بديع الزمان إلى أبى على إسماعيل يعتذر إليه:

سوء الأدب من سكر النّدب، وسكر الغضب من الكبائر التي تنالها المغفرة، وتسعها المعذرة، وقد جرى بحضرة الشيخ ما جرى، وقد أفنيت يدى عضّا، وأسنانى رضّا، وإن لم أوف ما جرى فالعذر أمدّ خطا، فإن كان بساطا يطوى، وحديثا لا يروى، فأولى من عذر اللاعب، وأحرى من غفر الصاحب؛ وإن كان ميتا ينشر، وسببا يذكر، فليكن العقاب ما كان، إن لم يكن الهجران، على أنى قد أخذت قسطى من العقاب، واستفدت من ردّ الجواب، ما كفى وأوجع القفا؛ فكان من موجب أدب الخدمة، إبقاء الحشمة لولىّ النعمة، باحتمال الشتم، والإغضاء عن الخصم، لكنى أحدقت بى ثلاثة أحوال لا يسلم صاحبها: اللعب وسكره، والخصم وهجره، والإدلال والثقة، وهنّ اللواتى حملننى على ماء الوجه فهرقته، وحجاب الحشمة فخرقته، وقد منعنى الآن فرط الحياء من وشك اللقاء، وعهدى بوجهى وهو أصفق من العدم الذى حملنى على جهله، وأوقح من الدهر الذى أحوجنى إلى أهله؛ لكن النعم إذا توالت على وجه رقّقت قشرته، وألانت بشرته؛ وأنا منتظر من الجواب ما يريش جناحى إلى خدمته، فإن رأى أن يكتب فعل، إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>