للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصّبو الكؤس إلى مراشفه ... وتضجّ في يده من الحبس

أبصرتها والكأس بين فم ... منه وبين أنامل خمس

فكأنّها وكأن شاربها ... قمر يقبّل عارض الشمس

وقال أبو الفتح كشاجم:

وسحاب يجرّ في الأرض ذيلى ... مطرف زرّه على الأرض زرّا «١»

برقه لمحة، ولكن له رع ... د بطىء يكسو السامع وقرا

كخلىّ منافق للّذى يه ... واه يبكى جهرا ويضحك سرّا

قد سقتنى المدام فيها فتاة ... سحرتنى وليس تحسن سحرا

فإذا ما رأيتها تشرب الرّا ... ح أرتنى شمسا تقبّل بدرا

[[من أخبار بشار]]

وإنما احتذى أبو نواس في هذه الأشعار التي وصف فيها ترك الشراب وطاعته لأمر الأمين مثال بشّار بن برد، وصب على قالبه؛ وذاك أنّ بشارا لما قال:

لا يؤيسنّك من مخبّأة ... قول تغلّظه وإن جرحا

عسر النساء إلى مياسرة ... والصعب يمكن بعد ما جمحا

بلغ ذلك المهدى فغاظه؛ وقال: يحرّض النساء على الفجور، ويسهّل السبيل إليه! فقال له خاله يزيد بن منصور الحميرى: يا أمير المؤمنين؛ قد فتن النساء بشعره، وأىّ امرأة لا تصبو إلى مثل قوله:

عجبت فطمة من نعتى لها ... هل يجيد النعت مكفوف النّظر

بنت عشر وثلاث قسّمت ... بين غصن وكثيب وقمر

درّة بحريّة مكنونة ... مازها التاجر من بين الدرر

أذرت الدمع وقالت: ويلتى ... من ولوع الكفّ ركّاب الخطر

أمتى بدّد هذا لعبى ... ووشاحى حلّه حتى انتثر

<<  <  ج: ص:  >  >>