للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأحضر أبو عبيد الله «١» للأعرابى عشرة آلاف درهم، وقال الأعرابى للفتى:

خذها فأنت سببها. فقال: شكرك أحبّ إلىّ منها، فقال له أبو عبيد الله: خذها فقد أمرنا له بمثلها. فقال الأعرابى: الأن كملت النعمة، وتمّت المنة.

[[معاوية بن يسار]]

وكان أبو عبيد الله واسع الذّرع، سابغ الدرع فى الكرم والبلاغة، واسمه معاوية بن يسار «٢» .

وكان يقول: إن نحوة الشرف تناسب بطر الغنى، والصبر على حقوق الثّروة أشدّ من الصّبر على ألم الحاجة، وذلّ الفقر يسعى على عزّ الصبر، وجور الولاية مانع من عدل الإنصاف، إلا من ناسب بعد الهمة، وكان لسلطان عزمه قوة على شهوته.

وكان يقول: لا يكسر رأس صناعة إلا فى أخسّ رتّان، وأرذل سلطان، ولا يعيب العلم إلا من انسلخ عنه، وخرج منه.

وكان يقول: حسن البشر علم من أعلام [النجاج] ورائد من [روّاد الفلاح] ، وما أحسن ما قال زهير:

تراه إذا ما جئته متهلّلا ... كأنك تعطيه الذى أنت سائله

وقال له المهدىّ بعد أن قتل ابنه على الزندقة: لا يمنعك ما سبق [به] القضاء فى ولدك، من [ثلج صدرك] وتقديم نصحك؛ فإنى لا أعرض لك رأيا على تهمة، ولا أؤخر لك قدما عن رتبة، فقال: يا أمير المؤمنين، إنما كان [ولدى حسنة] من نبت إحسانك أرضه، ومن تفقّدك سماؤه، وأنا طاعة أمرك، وعبد نهيك، وبقية رأيك لى أحسن الخلف عندى.

وكان يقول: العالم يمشى البراز آمنا، والجاهل يهبط الغيطان كامنا، ولله درّ زهير حيث يقول:

الستر دون الفاحشات وما ... يلقاك دون الخير من ستر

وقال أبو عبيد الله: ذاكرنى المنصور فى أمر الحسين «٣» بن قحطة، فقال: كان

<<  <  ج: ص:  >  >>