للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسفلها كالدّعص «١» منهال، لها عنق كإبريق اللّجين، وسرّة كمدهن العاج، نطاقها مجدب، وإزارها مخصب. مطلع الشمس من وجهها، ونبت الدرّ من فيها، وملقط الورد من خدّها، ومنبع السّحر من طرفها، ومبادىء الليل من شعرها، ومغرس الغصن من قدّها، ومهيل الرّمل من ردفها

[ولهم فى محاسن الغلمان والمعذرين]

زاد جماله، وأقمر هلاله. ترقرق فى وجهه ماء الحسن، شادن فاتر طرفه، ساحر لفظه. غلام تأخذه العين، ويقبله القلب، ويأخذه الطّرف، وترتاح إليه الرّوح. تكاد القلوب تأكله، والعيون تشربه. جرى ماء الشباب فى عوده فتمايل كالغصن، واستوفى أقسام الحسن، ولبس ديباجة الملاحة، كأنّ البدر قد ركب أزراره، لا يشبع منه الناظر، ولا يروى منه الخاطر، كاد البدر يحكيه، والشمس تشبهه وتضاهيه، صورة تجلو الأبصار، وتخجل الأقمار، شادن منتقب بالبدر، ومكتحل بالسحر. ما هو إلّا نزهة الأبصار، ومخجل الأقمار، وبدعة الأمصار، غمزات طرفه تخبر عن ظرفه، ومنطقه ينطق عن وصفه. تخال الشمس تبرقعت غرّته، والليل ناسب أصداغه وطرّته الحسن ما فوق أزراره، والطّيب ما تحت إزاره، شادن يضحك عن الأقحوان، ويتنفّس عن الريحان، كأنّ خدّه سكران من خمر طرفه «٢» ، وبغداد مسروقة من حسنه وظرفه، أعجمت يد الجمال نون صدغه بخال، هذا محلول من قول ابن المعتز:

غلالة خدّه صبغت بورد ... ونون الصّدغ معجمة بخال

<<  <  ج: ص:  >  >>