للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد لعمرى حكيت لى غصص المو ... ت وحرّكتنى لها وسكنتا

وتقدم إليه آخر فقال: كان الملك يعظنا فى حياته، وهو اليوم أوعظ منه أمس. أخذه أبو العتاهية فقال:

وكانت فى حياتك لى عظات ... وأنت اليوم أوعظ منك حيّا

وتقدّم إليه آخر فقال: قد طاف الأرضين وتملّكها، ثم جعل منها فى أربعة أذرع. ووقف عليه آخر فقال: مالك لا تقلّ عضوا من أعضائك، وقد كنت تستقلّ ملك العباد. ووقف عليه آخر فقال: انظر إلى حلم النائم كيف انقضى، وإلى ظلّ الغمام كيف انجلى. وقال آخر: مالك لا ترغب بنفسك عن ضيق المكان، وقد كنت ترغب بها عن رحب «١» البلاد. وقال آخر: [كان الملك غالبا فصار مغلوبا، وآكلا فصار مأكولا. وقال آخر] : أمات هذا الميت كثيرا من الناس لئلّا يموت، وقد مات الآن. وقال آخر: ما كان أقبح إفراطك فى التجبّر أمس، مع شدّة خضوعك اليوم. وقالت بنت دارا: ما علمت أنّ غالب أبى يغلب. وقال رئيس الطباخين: قد نضدت النضائد، وألقيت الوسائد، ونصبت الموائد، ولست أرى عميد المجلس!

[جملة من كلام ابن المعتز فى الفصول القصار فى ذكر السلطان]

أشقى الناس بالسلطان صاحبه، كما أنّ أقرب الأشياء إلى النار أسرعها احتراقا. لا يدرك الغنى بالسلطان إلا نفس خائفة، وجسم تعب، ودين متثلم.

إن كان البحر كثير الماء فإنه بعيد المهوى، ومن شارك السلطان فى عزّ الدنيا شاركه فى ذلّ الآخرة. فساد الرعية بلا ملك كفساد الجسم بلا روح. إذا زادك السلطان تأنيسا فزده إجلالا. من صحب السلطان صبر على قسوته كصبر

<<  <  ج: ص:  >  >>