للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو العباس: اقتدحت زندك يا أبا بكر فأورى «١» ، هذا بارع جدا، وقد سبقه إلى هذه الاستعارة جرير حيث يقول:

تحيى الروامس ربعها وتجدّه ... بعد البلى فتميته الأمطار «٢»

وهذا بيت جمع الاستعارة والمطابقة؛ لأنه جاء بالإحياء والإماتة، والبلى والجدة، ولكن ذو الرمة قد استوفى ذكر الإحياء والإماتة فى موضع آخر فأحسن، وهو قوله:

ونشوان من طول النعاس كأنه ... بحبلين فى مشطونة يترجّح «٣»

إذا مات فوق الرّحل أحييت روحه ... بذكرك والعيس المراسل جنّح

فما أحد من الجماعة انصرف من ذلك المجلس إلا وقد غمره من بحر أبى العباس ما غاض معه معينه، ولم ينهض حتى زوّدنا من برّه ولطفه نهاية ما اتسعت له حاله.

[[كتمان الحب]]

وقال ابن المعتز:

لما رأيت الحبّ يفضحنى ... ونمت علىّ شواهد الصبّ

ألقيت غيرك فى ظنونهم ... وسترت وجه الحبّ بالحبّ

وقال العباس بن الأحنف فى هذا المعنى:

قد جرّر الناس أذيال الظنون بنا ... وفرّق الناس فينا قولهم فرقا

فكاذب قد رمى بالظّنّ غيركم ... وصادق ليس يدرى أنه صدقا

[وقريب من هذا المعنى قول الفارضى رضى الله عنه، وإن لم يكن منه:

تخالفت الأقوال فينا تباينا ... برجم أصول بيننا ما لها أصل «٤»

<<  <  ج: ص:  >  >>