له عليهم شفقة الوالد، ولهم به برّ الولد. قال: أخبرنى كيف فاتكم قطرى؟
قال: كدناه فى منزله فتحوّل عنه، وتوهّم أنه كادنا بذلك، قال: فهلا اتبعتموه، قال: الكلب إذا أجحر عقر، قال: المهلب كان أعلم بك حيث أرسلك.
[بشر بن مالك عند الحجاج][يصف أبناء المهلّب أيضا]
وقد روى أنّ المهلب لما فرغ من قتل عبد ربه الحرورى دعا بشر بن مالك فأنفذه بالبشارة إلى الحجّاج، فلما دخل على الحجاج قال: ما اسمك؟ قال:
بشر بن مالك، فقال الحجاجّ: بشارة وملك! وكيف خلّفت المهلب؟ قال:
خلفته وقد أمن ما خاف، وأدرك ما طلب، قال: كيف كانت حالكم مع عدوكم؟ قال: كانت البداءة لهم، والعاقبة لنا، قال الحجاج: العاقبة للمتقين، ثم قال: فما حال الجند؟ قال: وسعهم الحقّ، وأغناهم النّفل، وإنهم لمع رجل يسوسهم سياسة الملوك، ويقاتل بهم قتال الصعلوك، فلهم منه برّ الوالد، وله منهم طاعة الولد، قال: فما حال ولد المهلب؟ قال: رعاة البيات حتى يؤمنوه، وحماة السّرح حتى يردوه، قال: فأيهم أفضل؟ قال: ذلك إلى أبيهم، قال: وأنت أيضا، فإنى أرى لك لسانا وعبارة، قال: هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفها، قال: ويحك! أكنت أعددت لهذا المقام هذا المقال؟
قال: لا يعلم الغيب إلا الله.
[[أبو الصقر وصاعد بن مخلد]]
ودخل أبو الصقر قبل وزارته على صاعد بن مخلد، وهو الوزير حينئذ، وفى المجلس أبو العباس بن ثوابة، فسأل الوزير عن رجل، فقال: أنفى، يريد نفى، فقال ابن ثوابة: فى الخرء، فتضاحك به أهل المجلس، فقام أبو الصقر مغضبا «١» .