للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ومن ألفاظهم في وصف النظم والنثر والشعر والشعراء]

نثر كنثر الورد، نظم كنظم العقد. نثر كالسّحر أو أدقّ، ونظم كالماء أو أرقّ. رسالة كالرّوضة الأنيقة، وقصيدة كالمخدّرة الرشيقة. رسالة تقطر ظرفا، وقصيدة تمزج بماء الرّاح لطفا. نثره سحر البيان، ونظمه قطع الجمان. نثر كما تفتّح الزهر، ونظم كما تنفّس السّحر. نثر ترقّ نواحيه وحواشيه، ونظم تروق ألفاظه ومعانيه. نثر كالحديقة تفتّحت أحداق وردها، ونظم كالخريدة تورّدت أسرار خدّها «١» . رسالة تضحك عن غرر وزهر، وقصيدة تنطوى على حبر ودرر. لم ترض في برّك، بأخوات النّثرة من نثرك، حتى وصلتها ببنات الشّعرى من شعرك «٢» . كلام كما هبّ نسيم السحر، على صفحات الزّهر، ولذّ طعم الكرى بعد برح السّهر»

. وشعر في نفسه شاعر، توسم به المواسم والمشاعر. كلام أنسى حلاوة الأولاد بحلاوته، وطلاوة الربيع بطلاوته، وشعر من حلّة الشباب مسروق، ومن طينة الوصال مخلوق. قصيدة، فى فنّها فريدة، هى عروس كسوتها القوافى، وحليتها المعانى. شعر يترقرق فيه ماء الطبع، ويرتفع له حجاب القلب والسمع. شعر لا مزية الإعجاز أخطأته، ولا فضيلة الإيجاز تخطّته. شعر رويته لما رأيته، وحفظته لما لحظته. أبيات لو جعلت خلعا على الزمان لتحلّى بها مكاثرا، وتجلّى فيها مفاخرا. شعر راقنى، حتى شاقنى، فإنه مع قرب لفظه بعيد المرام، ممرّ النظام «٤» ، قوى الأسر «٥» ، صافى البحر.

نظم قد ألبس من البداوة فصاحتها، وغشّى من الحضارة سجاحتها «٦» ؛ فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>