للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأسد وزئيره، والطير وصفيره، والماء وخريره. نحن بين لثق، ورثق، وزلق «١» يوم كأنّ الأرض شابت لهوله. يوم فضّى الجلباب، مسكى النقاب، عبوس قمطرير، كشّر عن باب الزمهرير، وفرش الأرض بالقوارير. يوم أخذت الشّمال زمامه، وكسا الصّر «٢» ثيابه. يوم كأن الدنيا فيه كافورة، والسماء بلّورة.

يوم أرضه كالقوارير اللامعة، وهواؤه كالزنابير اللاسعة. يوم أرضه كالزجاج، وسماؤه كأطراف الزّجاج «٣» . يوم يثقل فيه الخفيف إذا هجم، ويخف الثقيل إذا هجر، نحن فيه بين أطباق البرد فما نستغيث إلا بحرّ الراح، وسورة الأقداح.

ليس للبرد كالبرد، والخمر، والجمر. إذا كلب الشتاء، فترياق سمومه الصّلاء، ودرق سيوفه الطّلاء «٤» .

[نقيض ذلك من كلامهم فى وصف القيظ وشدة الحر]

قوى سلطان الحرّ، وبسط بساط الجمر. حرّ الصيف، كحدّ السيف.

أوقدت الشمس نارها، وأذكت أوارها. حرّ يلفح حرّ الوجه. حرّ يشبه قلب الصبّ، ويذيب دماغ الضّبّ. هاجرة كأنها من قلوب العشاق، إذا اشتعلت فيها نار الفراق. هاجرة تحكى نار الهجر، وتذيب قلب الصخر. كأن البسيطة من وقدة الحر، بساط من الجمر. حرّ تهرب له الحرياء من الشمس، قد صهرت الهاجرة الأبدان، وركبت الجنادب العيدان. حر ينضج الجلود، ويذيب الجلمود أيام كأيام الفرقة امتدادا، وحرّ كحر الوجد اشتدادا. حرّ لا يطيب معه عيش، ولا ينفع معه ثلج ولا خيش. حمارّة القيظ، تغلى كدم ذى الغيظ. آب آب يجيش «٥» مرجله، ويثور قسطله. هاجرة كقلب المهجور، أو التنور المسجور. هاجرة كالجحيم الجاحم، تجر أذيال السمائم.

<<  <  ج: ص:  >  >>