للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وفي الرعد والبرق]

قام خطيب الرّعد، ونبض عرق البرق، سحابة ارتجزت «١» رواعدها، وأذهبت ببروقها مطاردها، نطق لسان الرعد، وخفق قلب البرق، فالرعد ذو صخب، والبرق ذو لهب، ابتسم البرق عن قهقهة الرعد، زأرت أسد الرعد، ولمعت سيوف البرق، رعدت [سيوف] الغمائم، وبرقت، وانحلت عزالىّ السماء فطبقت، هدرت رواعدها، وقربت أباعدها، وصدقت مواعدها. كأن البرق قلب مشوق، بين التهاب وخفوق.

[ويتصل بهذه الأنحاء]

ما حكاه عمر بن على المطوعى قال: رأى الأمير السيد أبو الفضل عبيد الله ابن أحمد- أدام الله عزه! - أيام مقامه بجوين أن يطالع قرية من قرى ضياعه تدعى نجاب على سبيل التنزّه والتفرّج، فكنت في جملة من استصحبه إليها من أصحابه، واتّفق أنا وصلنا والسماء مصحية، والجوّ صاف لم يطرز ثوبه بعلم الغمام، والأفق فيروزج لم يعبق به كافور السحاب؛ فوقع الاختيار على ظلّ شجرة باسقة الفروع «٢» ، متّسقة الأوراق والغصون، قد سترت ما حواليها من الأرض طولا وعرضا، فنزلنا تحتها مستظلّين بسماوة أفنانها «٣» ، مستترين من وهج الشمس بستارة أغصانها، وأخذنا نتجاذب أذيال المذاكرة، ونتسالب أهداب المناشدة والمحاورة؛ فما شعرنا بالسّماء إلا وقد أرعدت وأبرقت، وأظلمت بعد ما أشرقت، ثم جادت بمطر كأفواه القرب فأجادت، وحكت أنامل الأجواد ومدامع العشاق «٤» ، بل

<<  <  ج: ص:  >  >>