للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحكامها، وبالملوك في سيرها وأيامها، وأجاس الخط، وبادية الأقلام، مع تشاكل اللفظ وقرب المأخذ. قال الحسن: فليس في الدنيا إذا كاتب] .

وقيل لليونانى: ما البلاغة؟ قال: تصحيح الأقسام، واختيار الكلام.

وقيل للرومى: ما البلاغة؟ قال: حسن الاقتضاب عند البداهة، والغزارة يوم الإطالة.

وقيل للهندى: ما البلاغة؟ قال: وضوح الدلالة، وانتهاز الفرصة، وحسن الإشارة.

وقيل للفارسى: ما البلاغة؟ قال: معرفة الفصل من الوصل.

وقال على بن عيسى الرّمّانى: البلاغة إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ.

[ومن كلام أهل العصر، في صفة البلاغة والبلغاء]

[قال على بن عيسى الرمانى] : أبلغ الكلام ما حسن إيجازه، وقل مجازه، وكثر إعجازه، وتناسبت صدوره وأعجازه.

أبلغ الكلام ما يؤنس مسمعه، ويوئس مضيّعه.

البليغ من يجتنى من الألفاظ أنوارها «١» ، ومن المعانى ثمارها.

ليست البلاغة أن يطال عنان القلم أو سنانه، أو يبسط رهان القول وميدانه، بل هي أن يبلغ أمد المراد بألفاظ أعيان، ومعان أفراد، من حيث لا تزيّد على الحاجة، ولا إخلال يفضى إلى الفاقة.

البلاغة ميدان لا يقطع إلا بسوابق الأذهان، ولا يسلك إلا ببصائر البيان.

فلان يعبث بالكلام، ويقوده بألين زمام، حتى كأنّ الألفاظ تتحاسد فى التسابق إلى خواطره، والمعانى تتغاير في الانثيال على أنامله.

هذا كقول أبى تمام الطائى:

تغاير الشعر فيه إذ سهرت له ... حتى ظننت قوافيه ستقتتل

<<  <  ج: ص:  >  >>