للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطوف بها ظبى من الإنس شادن ... يقلّب طرفا فاسق اللّحظ مدنفا

عليم بأسرار المحبين حاذق ... بتسليم عينيه إذا ما تخوّفا

فظل يناجينى يقلّب طرفه ... بأطيب من نجوى الأمانى وألطفا

وقال:

ألا عج على دار السرور فسلّم ... وقل: أين لذّاتى وأين تكلمى؟

وقل: ما حلت بالعين بعدك لذة ... سواك، وإن لم تعلمى ذاك فاعلمى

وصفراء من صبغ المزاج برأسها، ... إذا مزجت، إكليل درّ منظم

قطعت بها عمر الدّجى وشربتها ... ظلاميّة الأحشاء نورية الدّم

[[من رسائل بديع الزمان الهمذانى]]

كتب أبو الفضل بديع الزمان إلى أبى عدنان بن محمد الضبى «١» يعزّيه عن بعض أقاربه:

إذا ما الدهر جرّ على أناس ... حوادثه أناخ بآخرينا

فقل للشامتين بنا أفيقوا ... سيلقى الشامتون كما لقينا

أحسن ما في الدهر عمومه بالنوائب، وخصوصه بالرغائب، فهو يدعو الجفلى «٢» إذا ساء، ويخصّ بالنعمة إذا شاء، فليفكّر الشامت؛ فإن كان أفلت، فله أن يشمت، ولينظر الإنسان في الدهر وصروفه، والموت وصنوفه، من فاتحة أمره، إلى خاتمة عمره؛ هل يجد لنفسه، أثرا في نفسه؟ أم لتدبيره، عونا على تصويره، أم لعمله، تقديما لأمله، أم لحيله، تأخيرا لأجله؛ كلا، بل هو العبد لم يكن شيئا مذكورا؛ خلق مقهورا، ورزق مقدورا، فهو يحيا جبرا، ويهلك صبرا، وليتأمّل المرء كيف كان قبلا؛ فإن كان العدم أصلا، والوجود فضلا، فليعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>