فقلت له: ترفّق بى؛ فإنى ... رأيت الصبح من خلل الديار
فكان جوابه أن قال: كلّا ... وما صبح سوى ضوء العقار
وقام إلى الدّنان فسدّ فاها ... فعاد الليل مسدول الإزار
وقال بعض المحدثين:
ما زال يشربها وتشرب عقله ... خبلا، وتؤذن روحه برواح
حتى انثنى متوسّدا بيمينه ... سكرا، وأسلم روحه للرّاح
وقال الصنوبرى وذكر شربا «١» :
نازعتهم كأسا تخال نسيمها ... مسكا تضوّع في الإناء عتيقا
شقّت قناع الفجر لما غادرت ... كفّ النديم قناعها مشقوقا
صبغت سواد دجاه حمرة لونها ... فكأنه سبج أعيد عقيقا
وقال أبو الشّيص:
وكأس كسا الساقى لنا بعد هجعة ... حواشيها ما مجّ من ريقة العنب
كأنّ اطّراد الماء في جنباتها ... تربّع ماء الدرّ في سبك الذّهب
سقانى بها، واللّيل قد شاب رأسه، ... غزال بحنّاء الزجاجة مختضب
وقال أبو عدى الكاتب:
ليس لها حدّ تحيط بوصفه ... لغات، ولا جسم يباشره لمس
ولكنه كالبرق أومض ماضيا ... فلم يبق منه غير ما تذكر النّفس
وقال ابن المعتز:
ألا فاسقنيها قد مشى الصبح في الدّجى ... عقارا كمثل النار حمراء قرقفا
فناولنى كأسا أضاءت بنانه ... تدفّق ياقوتا ودرّا مجوّفا
ولما أريناها المزاج تسعرّت ... وخلت سناها بارقا قد تكشفا