للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله يا أمير المؤمنين فيما ولّاك، واحفظه فى رعاياك الذى استرعاك، ولا تجعل الكفر بموضع الشكر، والعقاب بموضع الثواب، فقد والله سهلت لك الوعور، وجمعت على خوفك ورجائك الصدور، وشددت أواخى ملكك بأوثق من ركنى يلملم، وكنت لك كما قال أخو بنى جعفر بن كلاب- يعنى لبيدا:

ومقام ضيّق فرّجته ... بلسان وبيان وجدل

لو يقوم الفيل أو فيّاله ... زلّ عن مثل مقامى وزحل

فأعاده إلى مجلسه «١» ، وقال: لقد نظرت إلى موضع السيف من عاتقه مرارا، فيمنعنى عن قتله إبقائى على مثله.

[[مدح الحقد وذمه]]

وأراد يحيى بن خالد أن يضع من عبد الملك ليرضى الرشيد، فقال له: يا عبد الملك، بلغنى أنك حقود! فقال عبد الملك: أيها الوزير، إن كان الحقد هو بقاء الشر والخير، إنهما لباقيان فى قلبى! فقال الرشيد: تالله ما رأيت أحدا احتجّ للحقد بأحسن مما احتجّ به عبد الملك.

وقد مدح ابن الرومى الحقد، وأخذ هذا المعنى من قول عبد الملك، وزاد فيه؛ فقال لعاتب عابه بذلك:

لئن كنت فى حفظى لما أنا مودع ... من الخير والشر انتحيت على عرضى

لما عبتنى إلا بفضل إبانة ... وربّ امرىء يزرى على خلق محض «٢»

ولا عيب أن تجزى القروض بمثلها ... بل العيب أن تدّان دينا ولا تقضى

وخير سحيّات الرجال سجية ... توفيك ما تسدى من القرض بالقرض

إذا الأرض أدّت ريع ما أنت زارع ... من البذر فيها فهى ناهيك من أرض

<<  <  ج: ص:  >  >>