للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا عذر فيها لامرىء هاب مثلها ... وفي اللّجّة الخضراء عذر لهائب

لدجلة خبّ ليس لليمّ؛ إنّها ... تراءى بحلم تحته جهل واثب

تطامن حتّى تطمئنّ قلوبنا ... وتغضب من مزح الرّياح اللّواعب

ولليمّ إنذار بغوص متونه ... وما فيه من آذيّه المتراكب «١»

وهي طويلة، وفيما مرّ كفاية تنبئ عنه وتدلّ عليه، ولو مددت أطناب الاختيار لتتبّع هذا النحو من شعره لخرجت عن غرض الكتاب.

[[من مليح العيافة والزجر]]

ومن مليح العيافة والزجر ما رواه الصّولى، قال: كان لأبى نواس إخوان لا يفارقهم، فاجتمعوا يوما في موضع أخفوه عنه، ووجّهوا إليه برسول معه ظهر قرطاس أبيض، لم يكتبوا فيه شيئا، فخزموه بزير «٢» ، وختموه بقار، وتقدموا إلى رسولهم ليرمى بالكتاب من وراء الباب؛ فلما رآه استعلم خبرهم، وعلم أنه من فعلهم، فتعرّف موضعهم وآثارهم، فأتاهم فأنشدهم:

وجدت كتابكم لمّا أتانى ... يمرّ بسانح الطير الجوارى

نظرت إليه مخزوما بزير ... على ظهر، ومختوما بقار

فقلت: الزّير ملهية ولهو ... وخلت القار من دنّ العقار

وخلت الظّهر أهيف قرطقيّا ... يحيل العقل منه باحورار «٣»

فهمت إليكم طربا وشوقا ... فما أخطأت داركم بدار

فكيف تروننى وترون وجدى ... ألست من الفلاسفة الكبار؟

وقال الطائى:

أتضعضعت عبرات عينك أن دعت ... ورقاء حين تضعضع الإظلام «٤»

<<  <  ج: ص:  >  >>