للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرن النهار إلى قدمه، قاعد كالكركىّ «١» ، أو الديك الهندى، فى هذا الأدحىّ «٢» ، يمرّ بى أولو الحلى والحلل، ويجتاز ذوو الخيل والخول «٣» ، وما أنا والنّظر إلى مالا يلينى، والسؤال عما لا يعنينى، واليوم، لما افتضضنا عذرة الصباح، ملأت جفونى من منظر ما أحوجه إلى عيب يصرف عين كماله، عن جماله، فقلت لمن حضر: من هذا؟ فأخذوا يحرّكون الرءوس استظرافا لحالى، ويتغامزون تعجّبا من سؤالى، وقالوا: هذا الشيخ الفاضل أبو إبراهيم إسماعيل بن أحمد، فقلت:

حرس الله مهجته، وأدام غبطته؛ فكيف الوصول إلى خدمته، وأنّى مأتى معرفته؟ قالوا: إن الشيخ الإمام- أدام الله تأييده- يضرب في مودّته بالقدح المعلّى، ويأخذ في معرفته بالحظّ الاعلى، فإن رأى الشيخ- أطال الله بقاه- أن تجعل عنايته حرف الصلة، وتفضّله لام المعرفة، فعل، إن شاء الله.

[[من أخبار البرامكة]]

قال الرشيد ليحيى بن خالد: يا أبت، إنى أردت أن أجعل الخاتم الذى في يد الفضل إلى جعفر، وقد احتشمت منه فاكفنيه.

فكتب إليه يحيى: قد أمر أمير المؤمنين- أعلى الله أمره- أن يحوّل الخاتم من يمينك إلى شمالك.

فأجاب الفضل: قد سمعت ما قاله أمير المؤمنين في أخى، وقد اطّلعت على أمره، وما انقلبت عنى نعمة صارت إليه، ولا عزبت «٤» عنى رتبة طلعت عليه.

فقال جعفر: لله أخى! ما أنفس نفسه، وأبين دلائل الفضل عليه، وأقوى منّة العقل فيه، وأوسع في البلاغة ذرعه، وأرحب بها جنابه. يوجب على نفسه ما يجب له، ويحمل بكرمه فوق طاقته.

<<  <  ج: ص:  >  >>