للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ألفاظ لأهل العصر، فى ضروب الممادح]

قد وضعت كثرة التجارب، فى يده مرآة العواقب. قد نجّدته صروف الدهور، وحنّكته مصاير الأمور. قد أرضعته الحنكة بلبانها، وأدّبته الدّربة فى إبانها.

فلان نوازل التجارب حنّكته، وفوادح الأيام عركته. هو عارف بتصاريف [الأيام، آخذ برهان التجارب، نافذ فى مجال التحصيل والتمييز. قد صحب الأيام، وتولّى] النقض والإبرام. هو ابن الدهر حنكة وتجريبا، وعودا على الدهر صليبا.

قد أدّبه الليل والنهار، ودارت على رأسه الأدوار، واختلفت به الأطوار. له همّة علا جناحها إلى عنان النجم. وامتدّ صباحها من شرق إلى غرب، لا يتعاظمه إشراف الأمر إذا أخطره بفكره، وانتساف الصّخر إذا ألقاه فى وهمه، همّته أبعد من مناط الفرقد، وأعلى من منكب الجوزاء. أوسع من الأرض ذات العرض. هو حىّ القلب، منشرح الصّدر، ذكىّ الذهن، شجاع الطبع، ليس بالنؤوم ولا السؤوم، فذّ فرد، وأسدورد، وكأنّ له فى كل جارحة قلبا. كأنّ قلبه عين، وكأن جسمه سمع.

شهاب مقدّم، وقدح مقوّم. [وهو شهم] مشدود النطاق، قائم على ساق، قد جدّ واجتهد، وحشر وحشد، شمّر عن ساق الجد ما أطاق، قد ركب الصعب والذّلول، وتجشّم الحزن والسّهول، وقطع البر والبحر، وأعمل السيف والرمح، وأسرج الدّهم والشهب «١» . هو مولود فى طالع الكمال، وهو جملة الجمال. قد أصبح عين المكارم، وزين المحافل. هو فرد دهره، وشمس عصره، وزبن مصره، وهو علم الفضل، وواسطة عقد الدهر، ونادرة الفلك، ونكتة الدنيا، وغرّة العصر. قد بايعته يد المجد، ومالت به الشورى إلى النصر. فلان يزيد عليهم زيادة الشمس على البدر، والبحر على القطر. هو رائش نبلهم، ونبعة فضلهم، وجمّة وردهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>