للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فزحف حتى صار في ثلثى الفراش، وقال: يا فتى، شبهوا الخدود بالورد، وأنت شبهت الورد بالخدود، زدنى فأنشدته:

عاتبت نفسى في هوا ... ك فلم أجدها تقبل

وأطعت داعيها إلي ... ك فلم أطع من يعذل

لا والذى جعل الوجو ... هـ لحسن وجهك تمثل

لا قلت إن الصبر عنك ... من التّصابى أجمل

فزحف حتى انحدر عن الفرش ثم قال لى: زدنى، فأنشدته:

عش فحبّيك سريعا قاتلى ... والضّنى إن لم تصلنى واصلى

ظفر الحبّ بقلب دنف ... فيك والسّقم بجسم ناحل

فهما بين اكتئاب وضنى ... تركانى كالقضيب الذّابل

وبكى العاذل لى من رحمة ... فبكائى لبكاء العاذل

فنعر طربا وقال: يا يلبق؛ كم معك لنفقتنا؟ قال: ثمانمائة وخمسون دينارا.

قال: اقسمها بينى وبين خالد، فدفع إلىّ نصفها وأنشد جحظة أو غيره ولم يسمّ قائله:

لا يبعد الله إخوانا لنا سلفوا ... أفناهم حدثان الدّهر والأبد

نمدّهم كلّ يوم من بقيّتنا ... ولا يؤوب إلينا منهم أحد

[[السكاكين]]

وكان أحمد بن يوسف جالسا بين يدى المأمون، فسأل المأمون عن السكّين فناوله أحمد السكين، وقد أمسك بنصابها، وأشار إليه بالحدّ، فنظر إليه المأمون نظر منكر؛ فقال: لعل أمير المؤمنين أنكر علىّ أخذى النّصاب؛ وإشارتى إليه بالحدّ؛ وإنما تفاءلت بذلك أن يكون له الحدّ على أعدائه، فعجب المأمون من سرعة فطنته، ولطيف جوابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>