فقال المهدىّ: علىّ به، فجاءه، فقال: لمن هذا الشعر؟ قال: لإسماعيل ابن القاسم أبى العتاهية، قال: لمن يقوله؟ قال: لعتبة جارية المهدى، قال:
كذبت، لو كانت جاريتى لوهبتها له، وكانت عتبة لريطة بنت أبى العباس السفاح، وكان أبو العتاهية قد بلغ من أمرها كل مبلغ، وكلّ ذلك فيما زعم الرواة تصنّع، وتخلّق؛ ليذكر بذلك.
[[من أخبار أبى العتاهية]]
قال يزيد [بن] حوراء المغنى: كلّمنى أبو العتاهية أن أكلّم المهدى في عتبة؛ فقلت: إنّ الكلام لا يمكننى، ولكن قل شعرا أغنيه إياه، فقال:
نفسى بشىء من الدنيا معلّقة ... الله والقائم المهدىّ يكفيها
إنّى لأيأس منها ثم يطمعنى ... فيها احتقارك للدنيا وما فيها
فعملت فيه لحنا وغنّيته المهدى؛ فقال: لمن هذا؟ فأخبرته خبر أبى العتاهية، فقال: ننظر في أمره، فأخبرت بذلك أبا العتاهية؛ فمكث أشهرا، ثم أتانى فقال:
ما جواب أولى بكلّ جميل ... من جواب يردّ من بعد شهر
قال يزيد: فغنّيت به المهدى، فقال: علىّ بعتبة، فأحضرت، فقال: إنّ أبا العتاهية كلّمنى فيك، وعندى لك وله ما تحبّان؛ فقالت له: قد علم مولاى أمير المؤمنين ما أوجبه من حق مولاتى، فأريد أن أذكر لها ذلك؛ قال:
فافعلى؛ فأعلمت أبا العتاهية بما جرى، ومضت الأيام؛ فسألنى معاودة المهدى، فقلت له: قد عرفت الطريق فقل ما شئت حتى أغنيه، فقال: