للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البادية. قال: ما بيدك؟ قال: عصا أركزها لصلاتى، وأعدّها لعداتى، وأسوق بها دابّتى، وأقوى بها على سفرى، وأعتمد بها فى مشيتى، ليتّسع بها خطوى، وأعبر بها «١» النهر فتؤمننى؛ وألقى عليها كسائى فتسترنى من الحرّ، وتقينى من القرّ، وتدنى ما بعد منى، وهى محمل سفرتى، وعلاقة إداوتى، ومشجب ثيابى، أعتمد بها عند الضّراب، وأقرع بها الأبواب، وأتّقى بها عقور الكلاب، تنوب عن الرّمح فى الطّعان، وعن الحرز «٢» عند منازلة الأقران، ورثتها عن أبى، وأورثها بعدى ابنى، وأهشّ بها على غنمى، ولى فيها مآرب أخرى، كثيرة لا تحصى.

[عزّة الخليل بن أحمد]

قال النضر بن شميل: كتب سليمان بن على إلى الخليل بن أحمد يستدعيه الخروج إليه، وبعث إليه بمال كثير، فردّه وكتب إليه:

أبلغ سليمان أنى عنه فى سعة ... وفى غنّى غير أنى لست ذا مال

يسخو بنفسى أنى لا أرى أحدا ... يموت هزلا ولا يبقى على حال

والفقر فى النفس لا فى المال نعرفه ... ومثل ذاك الغنى فى النفس لا المال

والمال يغشى أناسا لا خلاق لهم ... كالسّيل يغشى أصول الدّندن البالى «٣»

كلّ امرىء بسبيل الموت مرتهن ... فاعمل لنفسك، إنى شاغل بالى

أخذ هذا الطائى فقال:

لا تنكرى عطل الكريم من الغنى ... فالسيل حرب للمكان العالى

وقال أيضا يصف قوما خضوا بابن أبى دواد:

نزلوا مركز النّدى وذراه ... وعدتنا من دون ذاك العوادى

<<  <  ج: ص:  >  >>