للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كم يعد القرن باللقاء وكم ... يكذب فى وعده ويخلفه

لا يعرف القرن وجهه ويرى ... قفاه من فرسخ، فيعرفه

وقد أخذ هذا المعنى من قول بعض الخوارج، وقد قال له أبو جعفر المنصور:

أخبرنى أى أصحابى كان أشدّ إقداما فى مبارزتك، فقال: ما أعرف وجوههم، ولكننى أعرف أقفاءهم، فقل لهم يدبروا أعرّفك.

وفى هذه المنازعة يقول ابن الرّومى لمواليه بنى هاشم وكان ولاؤه لعبيد الله بن عيسى بن جعفر بن المنصور:

تخذتكم درعا علىّ لتدفعوا ... نبال العدى عنى فكنتم نصالها

وقد كنت أرجو منكم خير ناصر ... على حين خذلان اليمين شمالها

فإن أنتم لم تحفظوا لمودّتى ... ذماما فكونوا لا عليها ولا لها

قفوا موقف المعذور عنى بمعزل ... وخلّوا نبالى والعدا ونبالها

[ألفاظ لأهل العصر، فى وصف الأمكنة والأزمنة]

بلدة كأنها صورة جنّة الخلد، منقوشة فى عرض الأرض. بلدة كأن محاسن الدنيا مجموعة فيها، ومحصورة فى نواحيها. بلدة كأن ترابها عنبر، وحصباءها عقيق «١» ، وهواءها نسيم، وماءها رحيق. بلدة معشوقة السّكنى، رحبة المثوى «٢» ، كوكبها يقظان، وجوّها عريان، وحصاها جوهر، ونسيمها معطّر، وترابها مسك أذفر، ويومها غداة، وليلها سحر، وطعامها هنىّ، وشرابها مرىّ. بلدة واسعة الرقعة، طيبة البقعة، كأنّ محاسن الدنيا عليها مفروشة، وصورة الجنة فيها منقوشة، واسطة البلاد وسرّتها، ووجهها وغرتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>