للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الجزء الثالث]

[نبذ من ألفاظ بلغاء أهل العصر]

تجرى فى المدح مجرى الأمثال؛ لحسن استعارتها، وبراعة تشبيهاتها فلان مسترضع ثدى المجد، مفترش حجر الفضل، له صدر تضيق به الدّهناء، وتفزع إليه الدّهماء، له فى كل مكرمة غرّة الإصباح «١» ، وفى كل فضيلة قادمة الجناح «٢» ، له صورة تستنطق الأفواه بالتسبيح، ويترقرق فيها ماء الكرم، وتقرأ فيها صحيفة حسن البشر، تحيا القلوب بلقائه، قبل أن يميت الفقر بعطائه، له خلق لو مزج به البحر لنفى ملوحته، وكفى كدورته. هو غذاء الحياة، ونسيم العشق، ومادّة الفضل، آراؤه سكا كين فى مفاصل الخطوب، له همّة تعزل السماك الأعزل، وتجرّ ذيلها على المجرّة، هو راجح فى موازين العقل، سابق فى ميادين الفضل، يفترع أبكار المكارم، ويرفع منار المحاسن. ينابيع الجود تتفجّر من أنامله، وربيع السماء يضحك من فواضله. هو بيت القصيدة، وأول الجريدة، وعين الكتيبة، وواسطة القلادة، وإنسان الحدقة، ودرّة التاج، ونقش الفصّ! وهو ملح الأرض، ودرع الملّة، ولسان الشريعة، وحصن الأمة.

هو غرّة الدّهر والزمان، وناظر الإيمان. له أخلاق خلقن من الفضل، وشيم تشام منها بوارق المجد «٣» ، أرج الزمان بفضله، وعقم النساء عن الإتيان بمثله.

الجميل لديه معتاد، والفضل منه مبدوء ومعاد، ماله للعفاة «٤» مباح، وفعاله فى ظلمة الدهر مصباح، كأن قلبه عين، وكأن جسمه سمع، يرى بأوّل رأيه آخر الأمر، جوهر من جواهر الشرف لا من جواهر الصّدف، وياقوتة من يواقيت الأحرار

<<  <  ج: ص:  >  >>